ضربة جديدة مدوية وجّهتها صحيفة “صنداي تايمز” البريطانية للمسؤولين القطريين، ومعهم عدد من المتنفذين في عواصم غربية، لاسيما التي كانت تنافس الدوحة لاستضافة كأس العالم في نسخته المقررة عام 2022.
وكشفت الصحيفة -لأول مرة- معلومات مثيرة عن وسائل غير شرعية لجأ إليها المسؤولون القطريون للفوز باستضافة أهم بطولة كروية في العالم، من بينها تقديم رشى مالية لعناصر نافذة في بلدان منافسة، في مقدمتها إنجلترا والولايات المتحدة وأستراليا، ليقوموا بدور في تشويه ملفات دولهم التي كانت مقدمة لـ”فيفا”، في نهاية عام 2010.
وبتفاصيل موثقة، ذكرت الصحيفة أن قطر استعانت بعملاء سابقين للمخابرات الأمريكية وأعضاء في الكونجرس من أجل تقليل مستوى الدعم المحلي للملف الأمريكي المنافس، باعتبار أن توافر هذا الدعم من الشروط الرئيسة للفوز بالاستضافة.
ودعت “صنداي تايمز” مسؤولي الاتحاد الدولي لإثبات نزاهتهم والإسراع بسحب التنظيم من قطر ونقله إلى مكان آخر، حتى لا يصبح “الغش وسيلة معتمدة للنجاح”، حسب وصفها.
وجاءت المعلومات الجديدة لتكمل جوانب حملة كانت الصحيفة نفسها بدأتها قبل أربع سنوات، لسحب الاستضافة من قطر مستندة إلى وثائق مُسربة، حول الفساد والمدفوعات السرية، التي سمحت لقطر بالحصول على شرف تنظيم كأس العالم 2022.
ولخّصت الصحيفة ما تم خلال عملية التصويت التي جرت في نهاية عام 2010 داخل اللجنة التنفيذية للاتحاد الدولي لكرة القدم قائلة، إن “أعظم حدث رياضي تم بيعه”، ما أدى إلى إجراء تحقيق في البرلمان البريطاني عام 2011 أظهر لأول مرة وجود مدفوعات غير قانونية لضمان حصول الدوحة على حق التنظيم.
وذكرت الصحيفة –وقتها- أن منح تنظيم كأس العالم إلى قطر، لم يعكس أن هذا هو أفضل ملف مُقدم، بل أن الأمر تم عن طريق رشاوى وفساد في الكواليس، “قطر لم تكن الدولة المناسبة، خصوصًا وأن منتخبها الوطني يصنّف في المرتبة 98 على مستوى العالم، في حين أن درجات الحرارة تصل إلى 50 درجة مئوية في الصيف”.
وقالت الصحيفة: “بدا الأمر غريبًا حينذاك، ويبدو غريبًا الآن، إذا إن قطر لا تزال هي الدولة المستضيفة لكأس العالم 2022″، على الرغم من ظهور معلومات كثيرة تؤكد فساد عملية الاختيار.
وأضافت: “اليوم، لدينا أدلة حول خطأ تم أثناء المحاولات القطرية للحصول على حق استضافة كأس العالم، حيث إن قواعد فيفا تحظر صراحة على البلدان التي تسعى لاستضافة البطولة، أن تقوض ملفات الآخرين (المنافسين)، وهي تقضي بأنه يجب على مقدمي العروض، بأن لا يصنعوا “أي بيانات من أي نوع، خطية أو شفوية، سواء كانت سلبية أو غير ذلك، حول العروض أو الترشيحات، لأي أعضاء آخرين”.
وتابعت الصحيفة: “هذا بالضبط ما فعلته قطر في حملة “العمليات السوداء” حيث صُممت خصيصًا لتقويض عروض الآخرين، وبالذات إنجلترا، وبشكل أكثر تحديدًا أمريكا وأستراليا.
وقالت “صنداي تايمز”، إن الوثائق الجديدة التي توافرت لها من قِبل المحققين، تكشف أن شركة علاقات عامة وعملاء سابقين بوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA) كانوا يقومون بتقويض الدعم المقدم لعروض البلدان الأخرى، بما يخل بشرط أساسي لاستضافة المونديال، وهو وجود دعم محلي”.
ووفق الوثائق: “قامت قطر بتجنيد أشخاص ذوي نفوذ في الدول المنافسة لها للتحدث بسوء ضد عروض دولهم، وبالتالي إضعاف الدعم المحلي”.
وقالت الصحيفة: “ذهبت الحملة إلى أكثر من ذلك بالتأثير على الكونجرس الأمريكي، في رسالة إلكترونية تم تسريبها، كان قد تم توجيهها إلى علي الذوادي نائب رئيس اللجنة التنفيذية لملف قطر، حيث تم وضع خطة لإصدار قرار حول الآثار الضارّة لاستضافة أمريكا لكأس العالم”.
وجاء بالخطة أنه يجب العمل لإظهار مدى الضرر الذي تسببه استضافة كأس العالم، على حساب الرياضات الأخرى التي تحتاج لتمويل، مع إبراز التكلفة الباهظة التي ستدفعها أمريكا لهذا الحدث.
فضلًا عن ذلك تضمّنت الخطة تجنيد صحفيين ومدونين وشخصيات بارزة لمعارضة الاستضافة الأمريكية لكأس العالم، ويُشاع -وفق “صنداي تايمز”- أنه تم تجنيد طلاب ليظهروا خلال مباريات الرجبي، وهي لعبة ذات جماهيرية واسعة بين الأمريكيين، وهم يحملون لافتات تعارض تنظيم كأس العالم لكرة القدم.
وقالت الصحيفة: “من الواضح أن قطر تعاملت بعدم نزاهة، من أجل الفوز باستضافة كأس العالم 2022، ولم يفت الأوان بعد لفيفا لإعادة النظر في قرارها، ونقل المنافسة إلى مكان آخر، وإلا سيكون من السهل الاستنتاج -أنه في الوقت الذي تغيرت فيه أسماء أعلى هيئة إدارية لكرة القدم- فإن المنظمة نفسها لم تتغير”، في إشارة إلى اقصاء الرئيس السابق للاتحاد الدولي جوزيف بلاتر من منصبه لتورطه بقضايا فساد.
وأضافت “صنداي تايمز”: “خانت قطر الأمانة من أجل الوصول إلى استضافة كأس العالم، ولا يجب السماح بالغش كوسيلة لتحقيق النجاح”.