الرياض
شرعت السلطات الإيرانية في توزيع اتهاماتها الجوفاء (على لسان وزير الأمن محمود علوي) في كل اتجاه، فور وقوع حادث الأهواز الإرهابي الذي أودى بحياة عسكريين؛ للتمويه على المستفيد الحقيقي من الهجوم ممثلًا في النظام الإيراني نفسه، الذي يعيش أزمة شاملة (اقتصادية، وسياسية، واجتماعية داخلية) فضلًا عن ممارساته الدموية في الجوار العربي (عبر ميليشياتها المسلحة في سوريا، والعراق، والحوثيين في اليمن)؛ ما جعلها تواجه قطيعة إقليمية، فضلًا عن القطيعة الدولية المترتبة على العقوبات الأمريكية التي تواجهها طهران، في ظل تجاوزات برنامجها النووي، وهزيمتها السياسية في العراق، عقب الانتصار الذي حققته قوى وتيارات سياسية (في الانتخابات البرلمانية) غير مرحبة بدور طهران في العراق.
ADVERTISEMENT
ADVERTISEMENT
وحاولت طهران (عبر حادث الأهواز، وخلال مراسم تشييع جثامين قتلى الهجوم، الذي شهدته المدينة السبت الماضي) ترويج مزاعم حول كل من يقف لمشروعها التوسعي في المنطقة العربية، ويحاول تقويم سلوكها النووي في العالم، دون أن يتوقف أحد عند السجل الدموي لطهران في العالم كله، عبر نهجها المستمر في الفتن والقلاقل والاضطرابات، المدعومة بالأرقام، التي تفضح السجلّ الإرهابي للنظام الإيراني.
سجل إرهابي
ومنذ قيام الثورة الإيرانية عام 1979م، لعبت طهران دورًا كبيرًا في نشر الاضطرابات في دول المنطقة، بهدف زعزعة أمنها واستقرارها، وتجاوزت طهران كل القوانين والاتفاقات والمعاهدات الدولية، والمبادئ الأخلاقية، وسط حرص من المملكة على سياسة ضبط النفس طوال هذه الفترة، رغم معاناتها هي ودول المنطقة والعالم المستمرة من السياسات العدوانية الإيرانية. وتستند هذه السياسة الإيرانية إلى ما ورد في مقدمة الدستور الإيراني، ووصية الخميني، التي تقوم عليها السياسة الخارجية الإيرانية، وهو مبدأ تصدير الثورة، في انتهاك سافر لسيادة الدول وتدخل في شؤونها الداخلية تحت مسمى “نصرة الشعوب المستضعفة والمغلوبة على أمرها”.
وتوظف طهران الميليشيات في العراق ولبنان وسوريا واليمن، بتوفير ملاذات آمنة لها على أراضيها، وزرع الخلايا الإرهابية في عدد من الدول العربية، كما أنها ضالعة بمئات التفجيرات الإرهابية التي ذهب ضحيتها العديد من الأرواح البريئة، واغتيال المعارضين في الخارج، وانتهاكاتها المستمرة للبعثات الدبلوماسية، بل ومطاردة الدبلوماسيين الأجانب حول العالم بالاغتيالات أو محاولتها، ويعتبر النظام الإيراني الدولة الأولى الراعية والداعمة للإرهاب في العالم؛ حيث أسست العديد من المنظمات الإرهابية الشيعية في الداخل (فيلق القدس وغيره) وفي الخارج ، حزب الله في لبنان، وحزب الله الحجاز، وعصائب أهل الحق في العراق، وغيرهم الكثير، والعديد من الميليشيات الطائفية في عدد من الدول، بما فيها الحوثيون في اليمن. وتمت إدانتها من قبل الأمم المتحدة، وفرضت عليها عقوبات دولية، كما دعمت وتواطأت مع منظمات إرهابية أخرى مثل القاعدة التي آوت عددًا من قياداتها، ولا يزال عدد منهم في إيران.
تاريخ دموي
ولا ينسى العالم الدور الذى لعبته إيران عام 1982م باختطاف 96 مواطنًا أجنبيًّا في لبنان (بينهم 25 أمريكيًّا) فيما يعرف بـأزمة الرهائن التي استمرت 10 سنوات. وجل عمليات الخطف قام بها حزب الله والجماعات المدعومة من إيران. وفي عام 1983م تم تفجير السفارة الأمريكية في بيروت من قبل حزب الله في عملية دبرها النظام الإيراني، وتسببت في مقتل 63 شخصًا في السفارة، وفي عام 1983م قام الإيراني الجنسية “إسماعيل عسكري” الذي ينتمي إلى الحرس الثوري، بتنفيذ عملية انتحارية في بيروت دبرتها إيران، على مقر مشاة البحرية الأمريكية ، نجم عنها مقتل (241) وجرح أكثر من (100) من أفراد البحرية والمدنيين الأمريكان، ووصفتهم الصحافة الأمريكية بأنهم أكبر عدد يتعرض للقتل خارج ميادين القتال.
أما في عام 1983م فقد تم تفجير مقر القوات الفرنسية في بيروت من قبل حزب الله، بالتزامن مع تفجير مقر القوات الأمريكية الذي نجم عنه مقتل 64 فرنسيًّا مدنيًّا وعسكريًّا. وفي عام 1983م قام عناصر من حزب الله وحزب الدعوة الشيعي المدعوم من إيران بمجموعة هجمات طالت السفارة الأمريكية والسفارة الفرنسية في الكويت ومصفاة للنفط وحي سكني نجم عنها مقتل 5 وجرح 8. وفي عام 1983م تم قصف ناقلات النفط الكويتية في الخليج؛ ما اضطر تلك الناقلات إلى رفع العلم الأمريكي. وفي عام 1984م قام حزب الله بهجوم على ملحق للسفارة الأمريكية في بيروت الشرقية، نتج عنه مقتل (24) بينهم أمريكيون.
جرائم مستمرة
وخلال عام 1985م حاولت إيران تفجير موكب الشيخ جابر الأحمد الصباح أمير الكويت -رحمه الله- الذي نتج عنه مقتل عسكريين وجرحى خليجيين. وفي عام 1985م قام النظام الإيراني بتدبير عملية اختطاف طائرة خطوط( TWA) واحتجاز 39 راكبًا أمريكيًّا على متنها لمدة أسابيع وقتل أحد أفراد البحرية الأمريكية فيها. وفي عام 1986م حرضت إيران حجاجها على القيام بأعمال شغب في موسم الحج؛ ما نتج عنه تدافع الحجاج ووفاة 300 شخص. وفي عام 1987م تم إحراق ورشة بالمجمع النفطي برأس تنورة شرق السعودية، من قبل عناصر “حزب الله الحجاز” المدعوم من النظام الإيراني. وفي العام ذاته هجمت عناصر “حزب الله الحجاز” على شركة “صدف” بمدينة الجبيل الصناعية شرق السعودية.
وفي عام 1987م تورط النظام الإيراني في اغتيال الدبلوماسي السعودي مساعد الغامدي في طهران؛ وذلك في العام الذي تم فيه إيقاف محاولة إيران لتهريب متفجرات مع حجاجها. وفي عام 1987م تم الاعتداء أيضًا على القنصل السعودي في طهران رضا عبدالمحسن النزهة، فاقتادته قوات الحرس الثوري الإيراني واعتقلته قبل أن تفرج عنه بعد مفاوضات بين السعودية وإيران، واختطاف وقتل عدد من الدبلوماسيين الأمريكيين في لبنان في الثمانينيات.
اغتيالات سياسية
وتورطت إيران في مجموعة من الاغتيالات للمعارضة الإيرانية؛ ففي عام 1989م اغتالت في فيينا عبدالرحمن قاسملو زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني ومساعده عبدالله آزار، وفي باريس 1991م اغتال الحرس الثوري الإيراني شهبور باختيار آخر رئيس وزراء في إيران تحت حكم الشاه، وأودى الاغتيال بحياة رجل أمن فرنسي وسيدة فرنسية. وفي برلين عام 1992م اغتالت إيران الأمين العام للحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني صادق شرفكندي وثلاثة من مساعديه “فتاح عبدولي، وهومايون أردلان، ونوري دخردي”. وفي عام 1989م قام النظام الإيراني باختطاف وقتل عدد من الدبلوماسيين الأمريكيين في لبنان.
في الفترة من 1989-1990م تورط النظام الإيراني في اغتيال 4 دبلوماسيين سعوديين في تايلند؛ هم: عبدالله المالكي، وعبدالله البصري، وفهد الباهلي، وأحمد السيف. وفي عام 1992م تورط النظام الإيراني في تفجير مطعم ميكونوس في برلين؛ حيث أصدر المدعي العام الاتحادي الألماني مذكرة اعتقال بحق وزير الاستخبارات الإيراني علي فلاحيان بتهمة التخطيط والإشراف على تفجير المطعم وقتل (4) أكراد معارضين كانوا في المطعم وقت التفجير.
تفجيرات دولية
وتورطت إيران عام 1994م في تفجيرات بيونس آيرس الذي نجم عنها مقتل أكثر من 85 شخصًا، وإصابة نحو 300 آخرين. وفي عام 2003م اعتقلت الشرطة البريطانية هادي بور السفير الإيراني السابق في الأرجنتين بتهمة التآمر لتنفيذ الهجوم. وفي عام 1994م أصدرت الخارجية الفنزويلية بيانًا صحفيًّا يفيد بتورُّط 4 دبلوماسيين إيرانيين بشكل مباشر في الأحداث الخطرة التي جرت في مطار سيمون بوليفر الدولي بكراكاس، التي كان هدفها إجبار اللاجئين الإيرانيين على العودة إلى بلادهم .
وخلال عام 1996، تم تفجير أبراج سكنية في الخبر من قبل ما يسمى “حزب الله الحجاز” التابع للنظام الإيراني، ونجم عنه مقتل 120 شخصًا منهم (19) من الجنسية الأمريكية، وتوفير الحماية لمرتكبيه، بما فيهم المواطن السعودي أحمد المغسل الذي تم القبض عليه في عام 2015م، وهو يحمل جواز سفر إيرانيًّا، وقد أشرف على العملية الإرهابية الملحق العسكري الإيراني لدى البحرين حينذاك، كما تم تدريب مرتكبي الجريمة في كل من لبنان وإيران، وتهريب المتفجرات من لبنان إلى المملكة عبر حزب الله، والأدلة على ذلك متوافرة لدى حكومة المملكة وحكومات عدد من الدول الصديقة.
استضافة إرهابيين
ووفرت إيران ملاذًا آمنًا على أراضيها لعدد من زعامات القاعدة منذ عام 2001م، بما فيهم سعد بن لادن، وسيف العدل وآخرون؛ وذلك بعد هجمات 11 سبتمبر، ورفضها تسليمهم لبلدانهم رغم المطالبات المستمرة. في عام 2003م تورط النظام الإيراني في تفجيرات الرياض بأوامر من أحد زعامات القاعدة في إيران، وما نجم عنه من مقتل العديد من المواطنين السعوديين، والمقيمين الأجانب، ومنهم أمريكيون. وفي عام 2003م تم إحباط مخطط إرهابي بدعم إيراني لتنفيذ أعمال تفجير في مملكة البحرين، والقبض على عناصر خلية إرهابية جديدة كانت تتلقى الدعم من الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني، وكذلك الحال في الكويت والإمارات العربية المتحدة، وفي أوقات متفرقة.
وخلال عام 2003، دعم النظام الإيراني عناصر شيعية في العراق؛ وذلك بتشكيل أحزاب وجماعات موالية لها؛ ما أسفر عن مقتل (4400) جندي أمريكي وعشرات الآلاف من المدنيين بخاصة السنة العرب. ويقول السفير السابق في العراق جيمس جيفري إن القتلى الأمريكان سقطوا بعمليات قامت بها جماعات تدعمها إيران مباشرة.
إدانة دولية
وفي عام 2006م قالت واشنطن إن إيران دعمت طالبان ضد القوات الأمريكية في أفغانستان، وإنها في محاولة لضرب الوجود الأمريكي على حدودها، سلحت جماعات تختلف معها عرقيًّا وطائفيًّا، وإن النظام الإيراني خصص ألف دولار مكافأة عن كل جندي أمريكي يقتل في أفغانستان. وفي عام 2007م أصدر مجلس الشيوخ الأمريكي قرارًا بتسمية الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية. هذا وقد تم توصيف هذه الجماعة من قبل الرئيس جورج بوش والكونجرس وفق قواعد استرشادية صادرة بعد أحداث 11 سبتمبر 2001م.
وتورط النظام الإيراني عام 2011 في اغتيال الدبلوماسي السعودي حسن القحطاني في مدينة كراتشي. وفي عام 2011م أحبطت الولايات المتحدة الأمريكية محاولة اغتيال السفير السعودي، وثبت تورط النظام الإيراني في تلك المحاولة. وحددت الشكوى الجنائية التي كُشف النقاب عنها في المحكمة الاتحادية في نيويورك اسم الشخصين الضالعين بالمؤامرة، وهما: منصور أربابسيار الذي تم القبض عليه وإصدار حكم بسجنه 25 عامًا، والآخر غلام شكوري، وهو ضابط في الحرس الثوري الإيراني موجود في إيران، ومطلوب من القضاء الأمريكي.
عمليات قرصنة
وفي أكتوبر 2012م، قام قراصنة إيرانيون تابعون للحرس الثوري الإيراني بهجمات إلكترونية ضد شركات النفط والغاز في السعودية والخليج. وزير الدفاع الأمريكي ليون بانيتا وصف الهجمات الإلكترونية بأنها الأكثر تدميرًا بين الهجمات الإلكترونية في القطاع الخاص. إدارة الرئيس أوباما قالت إنها تدرك أن هذا من عمل الحكومة الإيرانية. وفي عام 2012م تم الكشف عن مخطط لاغتيال مسؤولين ودبلوماسيين أمريكيين في باكون العاصمة الآذرية. المخطط كان وراءه جماعة شيعية في أذربيجان مدعومة من إيران وتعمل بأوامر الحرس الثوري.
وخلال عام 2016م، أصدرت محكمة الجنايات الكويتية حكمًا بإعدام اثنين من المدانين في القضية المعروفة بخلية العبدلي، وأحدهما إيراني الجنسية؛ وذلك بتهم ارتكاب أفعال من شأنها المساس بوحدة وسلامة أراضي دولة الكويت والسعي والتخابر مع إيران وحزب الله للقيام بأعمال عدائية. وفي يناير 2016م، اعترفت إيران رسميًّا على لسان قائد الحرس الثوري الإيراني محمد علي جعفري بوجود (200) ألف مقاتل إيراني خارج بلادهم في (سوريا والعراق وأفغانستان وباكستان واليمن).
تجسس دولي
وقامت البعثات الدبلوماسية الإيرانية بتشكيل شبكات تجسس في مختلف الدول يتم من خلالها تنفيذ الخطط والعمليات الإرهابية. ومن الدول التي اكتشفت وجود شبكات تجسس إيرانية على أراضيها: المملكة عام (2013م)، والكويت عامي (2010م، 2015م)، والبحرين عامي (2010م، 2011م)، وكينيا عام (2015م)، ومصر أعوام (2005م، 2008م، 2011م)، والأردن عام (2015م)، واليمن عام (2012م)، والإمارات عام (2013م)، وتركيا عام (2012م)، ونيجيريا عام (2015م).
وبالإضافة إلى حزب الله في لبنان الذي وصفه نائب وزير الخارجية الأمريكية (ريتشارد أرميتاج) بأنه التنظيم الإرهابي الأول في العالم؛ أسس النظام الإيراني العديد من الخلايا والميليشيات الإرهابية في العراق واليمن ودول أخرى، تستخدمها لزعزعة الأمن والاستقرار، وكذلك إدخال عناصر الحرس الثوري للعراق لتدريب وتنظيم الميليشيات الشيعية، واستخدامه لقتل أبناء الطائفة السنية، والقوات الدولية. ويعد النظام الإيراني أكبر موزع متفجرات IED في العالم، التي تستخدم لتفجير السيارات والعربات المدرعة، وتسببت في قتل المئات من عناصر القوات الدولية في العراق.
انتهاكات دبلوماسية
والنظام الإيراني هو أول مَن يمتلك سجلًّا حافلًا لانتهاك حرمة البعثات الدبلوماسية منذ اقتحام السفارة الأمريكية في عام 1979 واحتجاز منسوبيها لمدة 444 يومًا، تلاها الاعتداء على السفارة السعودية عام 1987م، والاعتداء على السفارة الكويتية عام 1987م، والاعتداء على السفارة الروسية عام 1988م، والاعتداء على دبلوماسي كويتي عام 2007م، والاعتداء على السفارة الباكستانية عام 2009م، والاعتداء على السفارة البريطانية عام 2011م، وآخرها الاعتداء على سفارة المملكة العربية السعودية وقنصليتها في مشهد 2016م.
كما أن النظام الإيراني لم يوفر الحماية للبعثة الدبلوماسية السعودية كما يدعي، رغم الاستغاثات المتكررة، بل قام رجال الأمن بدخول مبنى البعثة ونهب ممتلكاتها. وتنتهك إيران حقوق الأقليات؛ بما فيهم الأهواز العرب، والأكراد، والبلوش وغيرهم من الأعراق والمذاهب التي تمنعهم من ممارسة حقوقهم، ثم تأتي بعد كل هذه الجرائم توزع اتهاماتها الجوفاء على الجميع، متناسية سجلها الدموي في العالم كله.