أثبتت قضية اختفاء الكاتب الصحفي جمال خاشقجي، سذاجة شبكة “الجزيرة” والكتائب الإلكترونية التي تديرها؛ فلم تكتفِ الشبكة بنشر أخبارها المغلوطة عبر منصاتها وأذرعها المختلفة، ومحاولة تشويه سمعة المملكة؛ بل وصل الأمر إلى قيام مذيعيها بحملة مكبرة عبر “تويتر”، كشفت عن سذاجتهم وتناقض أقوالهم وبُعدهم التام عن المهنية والمصداقية، التي طالما تغنّت بها شبكتهم.
بداية الأكاذيب
ونعود لبعض التفاصيل لفهم الموضوع أكثر؛ فقد بدأت القصة بحفلة تغريدات واسعة وموجهة فور نشر خطيبة “خاشقجي” المزعومة تغريدة تُفيد باختفائه، وعدم خروجه من القنصلية؛ وكأن الأمر مدبّر تماماً وبتوجيه معين؛ إذ خرج للنور فوراً مئات التغريدات في نفس الوقت!
وصعد وسم “اختفاء خاشقجي” خلال سويعات قليلة إلى الترند؛ متضمناً تغريدات كثيرة من شخصيات أغلبها تنتمي لشبكة “الجزيرة” والمتعاطفين معها، والفئات الكارهة للسعودية، وبحسابات معظمها موثق.. واتفق جميعهم -بحسب ما وصلهم من توجيه- أن تتضمن بداية التغريدة عبارة “إن صحت الأنباء” أو “إن صحت الأخبار” أو ما يشبهها، مضافاً إليها مضمون مشابه عن “تأثر العلاقات السعودية التركية”؛ وكأنه تحريض واضح وصريح لضرب إسفين بين الرياض وأنقرة.
ثم عمدت “الجزيرة” وأذنابها في التعاطي مع الموضوع بشكل أكبر، ويبدو أن التوجيه السامي وصل بضرورة إطلاق الشائعات بضراوة، وخلق حالة من اللغط والشك بين المتلقين والمغردين؛ فبدأ إعلاميو الشبكة القطرية عبر حساباتهم يصعّدون من لهجتهم، وبدأوا في القفز على الحقائق، ونشر أخبار ملفقة عن احتجاز الصحفي داخل القنصلية، وبعضهم زعم أنه تم نقله للسعودية وبات نزيلاً لأحد السجون، وإيهام المتلقي عبر تكرار تلك السخافات بصورة متزايدة بصحة ما يتداولونه، وتجاهل حقائق من نوعية ما نشره مراسل “الجزيرة” في إسطنبول الذي أكد أن الشرطة التركية تَحققت من تسجيلات الكاميرا التي أظهرت أن المواطن السعودي غادر القنصلية بعد 20 دقيقة.
“مذبحة التغريدات”
ومع توالي الأيام والشائعات التي أطلقتها الجزيرة، والتي فنّدتها المملكة وبعض المصادر التركية؛ لجأت الشبكة القطرية وإعلاميوها إلى ممارسة مذبحة مع تغريداتهم الكاذبة، وحذفها نهائياً؛ فسارع فيصل القاسم وأحمد منصور وغيرهم من مرتزقة “الجزيرة” إلى حذف تغريداتهم التي تتناقض مع ما كشفته الأحداث، وربما يكون قد وصلهم توجيه جديد بإطلاق نمط جديد من الشائعات، ومضمون جديد للأكاذيب بدلاً من سابقه؛ لعدم نجاحه.
ووقع أحمد منصور في أحد الفخوخ؛ بسبب عدم تحريه الدقة والمهنية، فنشر تغريدة زعم فيها وجود مقطع فيديو لفريق أمني سعودي متهم بقتل “خاشقجي”؛ فكتب: “تسريب جديد مصور للفريق الأمني السعودي المتهم بتصفية جمال خاشقجي لحظة وصولهم مقر القنصلية السعودية وخروجهم منها. وهذا تكنيك تركي عالي المستوى للضغط على نظام “ابن سلمان” من خلال التسريبات المنتظمة؛ حتى يصل لمرحلة الهيستريا والهذيان ثم الإقرار والاعتراف بالجريمة التي ارتكبها”.. ولكن سرعان ما حذف “منصور” التغريدة بعد أن ثبت كذبه، ومهاجمة المغردين له على عدم مصداقيته ومهنيته.
حساب الجزيرة هو الآخر حذف مجموعة تغريدات كثيرة لمصادرهم المجهولة، من بينها ما زعموه بأن صحفياً بريطانياً أخبرهم بوجود “خاشقجي” في سجن بجدة! وفي تغريدة أخرى مناقضة للسابقة نقلوا عن مصادرهم التي لا نعرفها ولن نعرفها لأنها غير حقيقية، أن الصحفي المختفي عُذّب في السفارة وقُتل داخلها؛ برغم أنه قبل قليل فقط كان في سجن في جدة!
وتصاعدت وتيرة الكذب بشدة مع فيصل القاسم، الذي شارك بدوره في مذبحة التغريدات، بعد أن ادعى زوراً وبهتاناً، اغتيال المملكة للكاتب السعودي، بعد أن أصبح مخزن معلومات: “تمت تصفية جمال خاشقجي؛ ليس لأنه إعلامي ناقد أو مشروع معارض؛ بل لأنه مخزن معلومات وأسرار خطيرة”، وبعد أن فاض الكيل بـ”القاسم” من كثرة أكاذيب شبكته، وسذاجة التوجيهات التي تصلهم والمصادر التي يتعاملون معها؛ كتب تغريدة قال فيها: “كل ما يُنشر عن خاشقجي حتى الآن مجرد كلام مواقع، والخبر اليقين لا يزال عند جهينة”، وإن كانت التغريدة تحمل تلميحاً سخيفاً؛ إلا أنها أكدت ضمنياً أن ما تنشره الجزيرة وينشره الإعلاميون المحسوبون عليها مجرد هراء محض، وأكاذيب ومغالطات ليس لها هدف سوى تشويه المملكة والطعن فيها.
وفي منحى جديد سلكته “الجزيرة” في نشر أراجيفها؛ زعمت الشبكة القطرية أن دونالد ترامب صرّح بمتابعته لقضية اختفاء الكاتب السعودي، وأنه على تواصل مع السلطات السعودية؛ إلا أن الرئيس الأمريكي خرج بتصريحات من البيت الأبيض أكد فيها عدم علمه بالقضية، وأنه سيتابع الأمر لاحقاً مع المسؤولين، ولم تجد ذراع الدوحة الإعلامي مخرجاً من الأزمة إلا بنشر التصريحات الجديدة وبدون اعتذار عن إطلاقها للشائعات، وتلفيقها للتصريحات.
“أقطاي” يبرئ المملكة ومذيع قطر يقاطع!
وكان تصريح “ياسين أقطاي” مستشار الرئيس التركي، بمنزلة الطامة على رؤوس إعلاميي “الجزيرة”، حينما صرّح بأنه لا يمكن اتهام الدولة السعودية باختطاف “خاشقجي”؛ مشيراً إلى أنه لا يستبعد أن تكون الدولة العميقة في تركيا هي المسؤولة عن اختفائه؛ مما حدا بمذيع إحدى القنوات التابعة للآلة الإعلامية القطرية إلى قطع حديث الرجل سريعاً، وشكره على إيصال وجهة نظره، ولم يعطِ الفرصة لمستشار “أردوغان” باستكمال حديثه؛ فربما لم يجد فيه هواه.
۱
۲
۳
٤
٥
٦۷
۸
۹
۱۰
۱۱