كشفت صحيفة «واشنطن بوست»، كواليس اللحظات الأخيرة قبل بيان الجيش السوداني بعزل واعتقال الرئيس عمر البشير. مؤكدة أن «ما حدث في الخرطوم، اليوم الخميس، كان سيطرة عسكرية على البشير؛ كما أن قوات الجيش السوداني كانت تحاول توفير قدر من الحماية للمتظاهرين؛ إذ انتشرت قوات الجيش لحماية مُنشآت الدولة الحيوية؛ لكنها لم تحاول وقف الاحتجاجات».
وأكدت الصحيفة، أن «الاحتجاجات أغرقت السودان في أسوأ أزمة لها»، مشيرة إلى أن «مكان تواجد البشير لا يزال يحيط به الغموض».
ورأت الصحيفة الأمريكية، أنَّ مسؤولين يشغلان مناصب عُليا في الحكومة والجيش السوداني صرّحا لوكالة «الأسوشيتدبرس» -بشرط عدم الكشف عن هُويتهم؛ لأنهم غير مخولين بالتحدث أمام وسائل الإعلام- بأن: «الجيش كان يجري قبل إذاعة البيان، مُحادثات بشأن تشكيل حكومة انتقالية».
وقالت صحيفة «واشنطن بوست»، إنَّ «ظروف الإطاحة بالبشير، ومكان تواجده الحالي لا يزال يحيط به الغموض حتى اللحظة الراهنة؛ رغم تنبيه التلفزيون الحكومي السوداني بأنَّ القوات المسلحة ستصدر بيانًا مهمًّا -على حد وصفها- وطلبت من الشعب السوداني انتظاره». مؤكدة أن «اثنين من كبار المسؤولين أجبرا الرئيس عمر البشير على التنحي».
وتقول الصحيفة، إنَّ الشرارة الأولى للمظاهرات كانت في بداية ديسمبر الماضي، حينما خرجت التظاهرات المُناهضة لارتفاع الأسعار؛ لتتسارع وتيرتها إلى دعوات للإطاحة بحكم البشير، مشيرة إلى تصدّي قوات الأمن للتظاهرات بحملة قمع «عنيفة»؛ أسفرت عن مقتل عشرات؛ وإعلان حالة الطوارئ، وحظر التجمّعات العامة غير المُصرح بها، ومنح سلطات واسعة للشرطة، فضلًا عن استخدام قوات الأمن الغاز المسيل للدموع، والرصاص المطاطي، والذخيرة الحية، والهراوات ضد المتظاهرين.
ورأتْ أنَّ استقالة الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة الذي تولى سُدة الحُكم لمدة 20 عامًا؛ نتيجة لأسابيع مماثلة من الاحتجاجات، كانت السبب الرئيس وراء اكتساب تظاهرات السودان كل هذا الزخم الذي يدفع بالإطاحة برئيسة هو الآخر.
وأشارتْ إلى أن الجيش أطاح بالنُميري بعد الانتفاضة الشعبية عام 1985م، وسرعان ما سلّم السلطة إلى حكومة مُنتخبة. مؤكدة أنَّ الإدارة المختلة وظيفيًّا –على حد قولها- استمرت لبضع سنوات حتى تحالف البشير -وهو ضابط في الجيش الوظيفي- مع «المتشددين الإسلاميين»، وأطاح به في انقلاب عام 1989م.
وأفادتْ أنَّه مُنذ بدء الاحتجاجات الحالية في 19 ديسمبر، أعلن الجيش دعمه لـ«قيادة» البلاد وتعهّد بحماية «إنجازات» الشعب، دون ذكر البشير بالاسم.
ولفتت إلى قيام بعض شبكات التلفزيون العربية بنقل تقارير «غير مؤكدة» -على حد قول الصحيفة الأمريكية- أفادت قبل صدور البيان، تفيد بأنَّ البشير قد تنحّى، واعتقال كبار مسؤولي الحزب الحاكم. وقاموا ببث لقطات للجماهير المتجه نحو القصر الرئاسي في العاصمة السودانية الخرطوم، وهم يلوحون بالعلم الوطني، ويهتفون ويصفقون.
ونقلت «واشنطن بوست» عن شهود عيان -تحدثوا دون الكشف عن هُويتهم خوفًا من البطش بهم- قولهم إن الجيش كان قد انتشر في مواقع رئيسية لتأمين عدة منشآت منذ الصباح الباكر. وبأنَّ السيارات المُدرعة والدبابات متوقفة في الشوارع، وبالقرب من الجسور فوق نهر النيل، وكذلك في مُحيط المقر العسكري.
وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أنه قبل إعلان بيان الجيش، أذاعت الإذاعة السودانية موسيقى وطنية، كما توقّف التلفزيون الرسمي عن البث المنتظم، ليذيع فقط إعلانًا موجزًا يحثّ الشعب السوداني على «انتظار بيان مهمّ من القوات المُسلحة بعد فترة جيزة».
ورأت واشنطن بوست، أنَّ تطور الأحداث تلك في السودان جاء في أعقاب مصادمات مميتة بين قوات الأمن السودانية، وحشود المُتظاهرين الكبيرة المناهضة للحكومة أمام مقر الجيش في الخرطوم، والذي يتضمّن مقرًّا للرئاسة. مشيرةً إلى أنَّه كانت هناك عدة مُحاولات؛ لتفريق الاعتصام؛ ما أسفر عن مقتل 22 شخصًا منذ يوم السبت الماضي.
ونقلت عن نُشطاء قولهم إن قوات الأمن السودانية حاولت مُجددُا، الثلاثاء تفريق الاعتصام الذي بدأ في مطلع الأسبوع؛ ما أسفر عن مقتل 14 شخصًا على الأقل. وأعلنت الحكومة عن مقتل 11 شخصًا بينهم خمسة جنود كانوا يدافعون عن التظاهرات.