وفي التفاصيل بحسب مصادر “رويترز”؛ فإنه بعد أن وصل إلى طريق مسدود في الجهود الرامية لنزع فتيل الأزمة التي تجتاح لبنان، أبلغ “الحريري” المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله “حسين الخليل”، بأنه لم يكن لديه خيار سوى الاستقالة من منصب رئيس الوزراء.
وبحسب تلك المصادر، تسبب قرار الحريري في صدمة لخليل، الذي نصحه بعدم الإذعان للمحتجين المطالبين بإطاحة حكومته الائتلافية.
وبدأ الاجتماع في الثامنة مساء في “بيت الوسط”، مقر إقامة الحريري بالعاصمة بيروت، ولم يستمر طويلًا.. وفي هذا الصدد ذكر أحد المصادر أن الحريري قال لحسين الخليل: “لقد اتخذت قراري، أريد الاستقالة من أجل إحداث صدمة إيجابية وإعطاء المحتجين بعضًا مما يطلبون”.
وسعى حسين الخليل لإثنائه عن موقفه، وقال له: “هذه الاحتجاجات صارت على أبواب أن تنتهي تقريبًا. أصبحت بآخر نفس، نحن بجانبك، استمر قويًّا”؛ لكن الحريري تمسك بقراره.
وشكا “الحريري” عدم حصوله على الدعم الذي يحتاجه لإجراء تعديل كبير في الحكومة، ربما كان ذلك سيُسهم في تهدئة الشارع، ويسمح بتنفيذ إصلاحات على وجه السرعة، وقال: “لم أعد أتحمل ولا أتلقى أي مساعدة”.
وقال الحريري: إن المشكلة الرئيسية تتمثل في وزير الخارجية جبران باسيل صهر الرئيس ميشال عون، الذي اختلف الحريري معه مرارًا منذ تشكيل حكومته في يناير.
وفي حين سعى الحريري لإجراء تعديل وزاري كبير، كان سيتضمن استبعاد باسيل، الذي كان هدفًا لانتقاد المحتجين، وآخرين غيره؛ فقد قاوم وزير الخارجية وعون أي تعديل؛ على أساس أن المتظاهرين قد لا يبرحون الشارع ويطالبون بمزيد من التنازلات.
وأوضح المصدر أن الحريري قال لمعاون “نصر الله”: “أنتم يا حزب الله تقفون خلف جبران وتدعمونه”.
وتمثل الاستقالة ضربة كبيرة لـ”حزب الله” الذي انخرط أكثر من أي وقت مضى في شؤون الحكومة اللبنانية، ويحرص مثل أي طرف على تفادي مشكلات مالية أعمق، قد تقود إلى أزمة عملة من شأنها أن تحدث حالة من عدم الاستقرار.
وقبيل الاستقالة قال الأمين العام لـ”حزب الله” حسن نصر الله في مناسبتين: إنه يعارض استقالة حكومة الحريري، وأشار إلى أن بعض المحتجين يحصلون على تمويل من أعداء خارجيين لحزب الله وينفذون مخططاتهم.
وبموجب نظام المحاصصة المتبع لاقتسام السلطة في لبنان؛ فإن منصب رئيس الحكومة يجب أن يشغله مسلم سني، وفي حين أن لحزب الله حلفاء من السنة؛ فإن الحريري يعتبر عاملًا حاسمًا للخروج من هذه الأزمة بفضل الدعم الدولي الذي يحظى به.
وقال مصدر مطلع على فكر “حزب الله”: “هذه ضربة قوية للحزب، أصبح مكبل الأيدي، الفائز الأكبر هو الحريري”.
وتولى الحريري رئاسة الحكومة للمرة الثالثة، وقد أصبح ميزان السلطة يميل إلى حزب الله الذي حصل مع حلفائه على أكثر من 70 من مقاعد البرلمان البالغ عددها 128 في الانتخابات التي جرت عام 2018.
وخسر الحريري أكثر من ثلث المقاعد في تلك الانتخابات؛ ومنها مقاعد فاز بها سنة متحالفون مع “حزب الله”.
ونال حلفاء حزب الله -ومنهم التيار الوطني الحر الذي ينتمي إليه باسيل وعون- نصيب الأسد في الحقائب الوزارية في حكومة الحريري، واختلف الأخير مع باسيل؛ خاصة فيما يتعلق بالإصلاحات الضرورية لسد الفجوة في المالية العامة للدولة.
وخلال توليه منصب وزير الخارجية، تحدث باسيل في منتديات دولية مثل جامعة الدول العربية للدفاع عن حزب الله وعن حيازته للأسلحة، ويُنظر إليه على أنه مرشح محتمل للرئاسة.
وفيما يتسق مع رؤية “حزب الله”؛ دعا باسيل إلى عودة سوريا إلى الجامعة العربية، بعد اجتماع عُقد في وقت سابق من أكتوبر؛ مما أثار مزيدًا من الخلاف مع الحريري بسبب تعارض ذلك الموقف مع سياسة الحكومة اللبنانية.
وقال المصدر المطلع على كواليس “حزب الله”: إن الحزب أحجَمَ عن مهاجمة الحريري بسبب قراره الخاص بالاستقالة؛ ليترك الباب مفتوحًا أمام إمكانية أن يصبح رئيسًا للوزراء مرة أخرى في حكومة ائتلافية جديدة.
وقال المصدر: إن حزب الله “يجب أن يحافظ على خط الرجعة” للخروج من الأزمة.