وثّقت “غينيس للأرقام القياسية” مسرح مرايا الذي يقع بمحافظة العلا شمالي غرب المملكة، ضمن قائمتها للأرقام القياسية كأكبر مبنى مغطى بالمرايا في العالم، وقد أطلق على مسرح مرايا هذا الاسم نظرًا لاكتساء واجهته بالمرايا العملاقة لتعكس سحر الطبيعة الخلابة في العلا التي تضم منطقة الحِجر، أول موقع تاريخي في المملكة يدرج ضمن قائمة اليونسكو لمواقع التراث العالمي .
وقد أزيح الستار عن الواجهة الاستثنائية الجديدة لمسرح مرايا في حفل خاص أقامته الهيئة الملكية لمحافظة العلا خلال الموسم الثاني من مهرجان شتاء طنطورة، مستضيفًا المسرح الذي يتسع لنحو 500 شخص كوكبة من أشهر وأبرز الفنانين العالميين.
ويتخذ تصميم مسرح مرايا الذي يقع في وادي عشار بالقرب من سفح حرة عويرض البركانية والمزود بأحدث النظم الصوتية المسرحية والأوبرالية شكلًا مكعبًا تغطي جدرانه الخارجية المرايا بشكل كامل ليكون امتدادًا معماريًا لطبيعة العلا الساحرة التي ألهمت المعماريين والفنانين والمبدعين على مدى قرون طويلة منذ حضارة الأنباط وحتى يومنا هذا، في حين تبلغ مساحة واجهة المسرح الخارجية 9740 مترًا مربعًا من المرايا وهو رقم تجاوز الحد الأدنى البالغ 6500 متر مربع .
وقال الرئيس التنفيذي للهيئة الملكية لمحافظة العلا عمرو المدني: نحرص في الهيئة الملكية لمحافظة العلا على إبراز الإرث الثقافي والتاريخي الذي تتمتع به المنطقة ونسعى إلى تحقيق رؤية العلا الرامية إلى إنشاء مركز ثقافي إقليمي وعالمي، ويعكس مسرح مرايا بشكله الإبداعي المذهل والجديد قدرة المنطقة على استضافة الفعاليات والعروض والاحتفالات والتجمعات التجارية العالمية في أحضان طبيعة العلا الخلابة وتاريخها العريق لتبرز الدور المهم الذي تتمتع به المملكة كحاضنة للتاريخ الإنساني .
وأضاف: نحن فخورون بهذا الإنجاز الكبير ونتوجه بالشكر لجميع شركائنا من الخبراء والمهندسين والمعماريين على كل ما بذلوه من جهد لإنشاء هذا الصرح الفريد ليعكس جمال الطبيعة الخلابة للعلا .
من ناحيته، قال المهندس المعماري فلوريان بوج: مسرح مرايا تم إنشاؤه عن طريق الاجتزاء ونحت الكتل كما هو الحال في الهندسة المعمارية للأنباط، ويجعلنا هذا الصرح الفريد نفكر في المشهد الذي لا يضاهى من الملحمة الجيولوجية والتجريد الجذري للطبيعة الساحرة في العلا والتوغلات الفريدة للإنسان في المناظر الطبيعية، حتى يعطي هذا الانعكاس التوازن الغامر والشعور العميق بارتباط التراث الإنساني بالطبيعة وتداخلهما وتناغمهما معًا؛ مما يلقي عبئاً ومسؤولية لحماية تراثنا الإنساني المدمج مع الطبيعية الاستثنائية في العلا .
يشار إلى أن تطوير مسرح مرايا يأتي في إطار ميثاق العلا، وهي وثيقة إطارية تتضمن 12 مبدأ توجيهيًا تلتزم من خلالها الهيئة الملكية لمحافظة العلا بالتطوير المستقبلي طويل الأجل الذي يحمي ويحافظ على المشهد الطبيعي والثقافي المذهل في العلا مع تطويرها كوجهة عالمية للتراث والفنون والثقافة.
وتنصّ الرؤية الثقافية والتراثية للعلا على أن تتميز الرسالة الفنية للعلا بالوضوح وستبقى الوجهة التي يرسم ملامحها الفنانون والمكان الذي يبرز المعالم الأثرية للحضارات التاريخية، فما يبقى من الثقافات العظيمة هو فنها وعمارتها، حيث شكلت الحضارات المتعاقبة المشهد بثقافتها وأفكارها، وسوف تبقى العلا الوجهة الفنية التي يقوم الفنانون ببنائها ليعززوا فيها من روح الخيال والإلهام والتعبير الذي يشكل البنية التحتية للعلا ومبانيها وحياتها اليومية بما يثري تجارب الزوار .
وشهد مهرجان شتاء طنطورة خلال موسمه الحالي العديد من الفعاليات العالمية، كان منها مؤتمر الحِجر الأول للحائزين على جائزة نوبل 2020 الذي عقد في مدينة العلا في الفترة من 30 يناير حتى 1 فبراير الجاري بمشاركة 18 من الشخصيات الحائزة على جوائز نوبل للسلام والاقتصاد والأدب والفيزياء والكيمياء وعلم وظائف الأعضاء والطب إلى جانب نخبة من قادة الفكر والمجتمع والسياسة من 32 دولة حول العالم لمناقشة وتقديم الحلول والأطروحات لمواجهة التحديات التي تؤثر على الإنسانية والعالم.
وسعى مؤتمر الحِجر لإحداث تأثير كبير وطرح الحلول للمشكلات العالمية الملحة واستهدفت النقاشات تقديم حلول واضحة فيما يتعلق بمستقبل التعليم والصحة والزراعة والاقتصاد في العالم .
ويقدم موسم شتاء طنطورة مجموعة كبيرة من التجارب المتنوعة التي تلبي احتياجات جميع الزوار وتناسب جميع الأذواق سواء للأفراد أو المجموعات أو العائلات من مختلف الشرائح.
وقد أقيمت فعاليات شتاء طنطورة في عطلات نهاية الأسبوع من 19 ديسمبر 2019 حتى 7 مارس 2020 وفتحت المجال أمام ضيوف الموسم الثاني هذا العام زيارة المواقع التاريخية والتراثية المذهلة بشكلٍ حصري وحضور العروض الموسيقية والفنية العالمية التي أحياها فنانون عريقون ممّن تركوا بصماتهم في مجال الفنّ عربيًا وعالميًا .