امتدادًا لمحاولاتها الدؤوبة لتحسين بيئة النظام الدولي بمختلف مجالاته وتجلياته، وجعله أكثر مواءمة لما تطمح إليه الشعوب من المساواة والعدالة في تحقيق مصالحها، رشحت السعودية اليوم الأربعاء المستشار في الديوان الملكي محمد بن مزيد التويجري لتولي منصب المدير العام لمنظمة التجارة العالمية، التي تأسست عام 1995، ومقرها مدينة جنيف في سويسرا؛ للتعامل مع التغيرات في الاقتصاد العالمي لضمان تجارة دولية شفافة ومفتوحة؛ فالمنظمة التي تضم 164 دولة عضوًا هي الجهة الوحيدة المختصة بالقوانين الدولية المعنية بالتجارة فيما بين الدول.
وينسجم تقديم السعودية مرشحًا لقيادة هذه المنظمة الدولية بشكل عام مع إسهاماتها في صياغة نظام عالمي أكثر عدلاً وتجاوبًا مع سعي الشعوب إلى تحقيق النمو والتنمية، التي تسهم في تحسين مستوى معيشتها، لكن فيما يتعلق بمنظمة التجارة الدولية فإن هناك أسبابًا عديدة تجعل السعودية أجدر من غيرها بقيادة هذه المنظمة المهمة، وفي مقدمة هذه الأسباب اهتمام السعودية بإصلاح المنظمة، واضطلاعها بأدوار قيادية داخل المنظمة مثل رئاسة المجموعة الآسيوية للدول النامية عام 2013، ورئاسة مجموعة دول مجلس التعاون الخليجي عام 2016، ورئاسة المجموعة العربية في المنظمة منذ 2013 ولمدة سبع سنوات متواصلة.
فالسعودية تخوض الترشح لقيادة منظمة التجارة العالمية من بوابة الإصلاح، وهو مطلب ملحّ وحتمي، ويفرض نفسه منذ سنوات على اجتماعات المنظمة نفسها، وقمم مجموعة العشرين. ومن القضايا المطلوب إصلاحها داخل المنظمة قضايا التجارة الدولية، كالمثارة حاليًا بين الولايات المتحدة والصين بشأن التعرفة الجمركية، وتحسين النظام الخاص بتسوية المنازعات في المنظمة، وإصلاح سياسة التجارة الزراعية، ووضع سياسات تجارية لمساعدة الدول المتضررة من الكوارث، ووضعية الدول النامية داخل المنظمة. وتنبع ضرورة إصلاح هذه القضايا من أهمية المنظمة ذاتها بالنسبة للتجارة العالمية؛ ففي حين أن أكثر من 95 في المئة من المبادلات التجارية الدولية تستظل بالمنظمة فإن آخر تغيير على لوائحها يرجع إلى عام 1995.
ويرتكز اهتمام السعودية بإصلاح منظمة التجارة العالمية على إسهامات جمة في محاولة إصلاحها بالفعل، منها “مبادرة الرياض حول مستقبل منظمة التجارة العالمية” التي قدمتها لاجتماع مجموعة عمل التجارة والاستثمار في مجموعة العشرين المنعقد في مارس (آذار) الماضي، وحازت موافقة كل أعضاء المجموعة. وتهدف المبادرة التي طرحتها السعودية انطلاقًا من رئاستها مجموعة العشرين إلى تحديد القواعد والمبادئ المشتركة بين جميع أعضاء مجموعة العشرين بشأن منظمة التجارة العالمية على مدار الـ25 عامًا المقبلة، وما بعدها؛ لتوفير الدعم السياسي اللازم لإحراز تقدم في المناقشات حول إصلاحات المنظمة بين أعضائها؛ فكل هذه الجهود الإصلاحية تؤهل السعودية لقيادة هذه المنظمة المهمة لما فيه صالح العالم.