عندما يخرج ولي العهد الأمير محمد بن سلمان نائب رئيس الوزراء وزير الدفاع، ليعلن للأمة والعالم أجمع الجهود التي تبذلها المملكة في مواجهة الإرهاب البغيض، فمن المؤكد أنه يتحدث من فوق أرض صلبة، ومن واقع بيانات موثقة، شهدت بها المنظمات الدولية المعنية.
ولي العهد تحدث في خطابه التاريخي، أول أمس الخميس، عن جهود المملكة في مكافحة آفة الإرهاب والتطرف، قائلًا: «كانت ظاهرة التطرف بيننا بشكل مستشرٍ، ووصلنا إلى مرحلة نهدف فيها، في أفضل الأحوال، إلى التعايش مع هذه الآفة»، مضيفًا أنه «لم يكن القضاء على هذه الآفة خيارًا مطروحًا من الأساس، ولا السيطرة عليها أمرًا واردًا.. لقد قدمت وعود في عام 2017 بأننا سنقضي على التطرف فورًا، وبدأنا فعليًّا حملة جادة لمعالجة الأسباب والتصدي للظواهر».
وخير دليل على ذلك، ما قامت به المملكة مؤخرًا من قطع الطريق على شركات الصرافة المالية التي تجتهد في أن تجد طرقًا غير شرعية، ودروبًا آثمة فرعية، من أجل الاحتيال على إدخال أموال بهدف دعم الإرهاب والإرهابيين.
وفي هذا المضمار الشرس في الحرب على الإرهاب، نجحت المملكة في منتصف يوليو الماضي، وبالتعاون المشترك مع الدول المشاركة معها في مركز استهداف تمويل الإرهاب، في تصنيف 6 أسماء بارزة قدمت تسهيلات ودعمًا ماليًّا لصالح تنظيم «داعش».
الكارهون والحاقدون للمملكة لن يسرهم بالمرة أن يروها تتسلق سلم المجد يومًا وراء الآخر، ويسوء في أعينهم أن تقود العالم الإسلامي برؤية تسامحية وتصالحية؛ لذلك يسارعون في طريق تهريب ملايين الدولارات لتسهيل عمليات الاستقطاب والتمويل لأنشطة «داعش» في الخليج العربي عامةً، وداخل المملكة خاصةً، غير أن الكائدين فاتهم أن هناك عيونًا سعودية يقظة وساهرة، بموجب نظام مكافحة جرائم الإرهاب وتمويله الصادر بمرسوم ملكي عام 1439 للهجرة.
وفي تأكيد لأن اجتثاث الإرهاب من جذوره، نهج واستراتيجية حقيقية تحرص حكومة على المملكة على تنفيذها؛ كشف استطلاع للرأي أجرته إحدى المؤسسات المتخصصة بتكليف من «معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى في واشنطن»، أن 45% من السعوديين، يعتبرون أن «حكومة المملكة تبذل الجهد الكافي للحيلولة دون تفشي التطرف الديني في المجتمع السعودي».
وكان خطاب ولي العهد، تضمن تأكيد نجاح المملكة خلال سنة واحدة، في القضاء على مشروع أيديولوجي صُنع على مدى 40 سنة، منوهًا بأنه اليوم لم يعد التطرف مقبولًا في المملكة العربية السعودية، ولم يعد يظهر على السطح، بل أصبح منبوذًا ومتخفيًا ومنزويًا.
وأكد ولي العهد أن السعوديين أثبتوا سماحتهم الحقيقية ونبذهم هذه الأفكار التي كانت دخيلة عليهم من جهات خارجية تسترت بعباءة الدين، ولن يسمحوا أبدًا بوجوده بينهم مرة أخرى.
وعن استراتيجية المملكة في مكافحة هذه الآفة البغيضة، عقد ولي العهد مقارنة بين ما كان يحدث في السابق، وما يجري في الوقت آني، قائلًا: «منذ أول عملية إرهابية في 1996 وبشكل متزايد حتى عام 2017، لم يكد عام يمر بدون عملية إرهابية، بل وصل الحال إلى عملية إرهابية في كل ربع عام أو أقل، بل إنه بين عامي 2012 و2017 وصل هؤلاء الإرهابيون إلى داخل المقرات الأمنية نفسها».
وتابع ولي العهد: «منذ منتصف عام 2017، وبعد إعادة هيكلة وزارة الداخلية وإصلاح القطاع الأمني، انخفض عدد العمليات الإرهابية في السعودية حتى اليوم إلى ما يقارب (صفر عملية إرهابية ناجحة) باستثناء محاولات فردية معدودة ولم تحقق أهدافها البغيضة»، مشددًا: «عملنا اليوم أصبح استباقيًّا، وسنستمر في الضرب بيد من حديد ضد كل من تسول له نفسه المساس بأمننا واستقرارنا».