رصدت إذاعة صوت أمريكا «فويس أوف أمريكا»، تصاعُدًا ملحوظًا في حدة التوترات بين إيران وتركيا، اتخذت مسرحًا جديدًا لها في العراق، بسبب عمليات أنقرة العسكرية المتواصلة ضد أكراد العراق.
وذكرت الإذاعة الأمريكية أن إيران وتركيا (الخصمين الإقليميين)، منخرطان في منافسة حادة متنامية، مع تهديد أنقرة بتوسيع عملياتها العسكرية في العراق، التي تعد مسرحًا استراتيجيًّا هامًّا بالنسبة إلى الميليشيات المدعومة من طهران.
وظهر هذا الخلاف جليًّا في تصريحات أخيرة للسفير الإيراني لدى العراق إيراج مسجدي، قال فيها إن بلاده «لا تقبل على الإطلاق أن تتدخل تركيا، أو غيرها من الدول، عسكريًّا في العراق، أو أن يكون لها وجود عسكري هناك». ورد المبعوث التركي إلى العراق فاتح يلدز، قائلًا إن «مسجدي هو آخر من يجب أن يحاضر أنقرة عن احترام حدود العراق».
ولم يقتصر الأمر عند هذا الحد، بل غذت تصريحات وزير الداخلية التركي سليمان صويلو، غضب طهران؛ إذ اتهم الأخيرة بإيواء 525 إرهابيًّا، لتحتجَّ إيران من جهتها وتستدعي السفير التركي لديها لتعرب عن احتجاجها بشأن هذه التصريحات.
ويتمحور الخلاف بين البلدين حول عمليات تركيا العسكرية المستمرة ضد حزب العمال الكردستاني بشمال العراق؛ حيث تعتبر طهران التوسع التركي المتزايد هناك «تعديًا على مجال نفوذها الإقليمي». وقال زاور جاسيموف الخبير الإقليمي في جامعة بون: «الحضور العسكري التركي في شمال العراق حقيقة لا تسعد إيران كثيرًا».
لكن أنقرة تعهدت بتوسيع عملياتها ضد أكراد العراق بعد مقتل 13 من مواطنيها كانوا محتجزين من قبل ميليشيات كردية، خلال عملية إنقاذ فاشلة في جبال شمال العراق، الشهر الماضي. وأكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وقتها أنه «من الآن فصاعدًا، لا يوجد مكان آمن للإرهابيين. ليس في قنديل ولا سنجار ولا سوريا».
وقال دولت بهجلي زعيم حزب الحركة القومية الشريك في الائتلاف البرلماني لحزب العدالة والتنمية الحاكم، إن «العملية العسكرية في منطقة سنجار العراقية مسألة حياة أو موت».
وتعتبر أنقرة إقليم سنجار العراقي مركزًا لوجستيًّا حيويًّا للأكراد لإمداد الميليشيات التابعة لهم في سوريا، وهو أيضًا مقر هام بالنسبة إلى الميليشيات المدعومة من إيران، ولهذا تعارض الأخيرة بشدة الوجود العسكري التركي هناك.
وكانت الحكومة الكردية العراقية وقعت اتفاقًا مع الحكومة الفيدرالية في بغداد، في أكتوبر الماضي، لإخراج عناصر حزب العمال الكردستاني من المنطقة، لكن أنقرة ترى أن الميليشيات الكردية لم تغادر المنطقة، بل اندمجت مع الميليشيات المحلية.
وفي هذا الشأن، قال الباحث في المعهد الملكي للشؤون الدولية البريطاني جاليب دالاي: «في منطقة سنجار العراقية، تعمل مجموعات الحزب الكردي مع ميليشيات الحشد الشعبي المدعومة من إيران.. هناك تفاهم ضمني بين إيران والأكراد، سواء في العراق أو سوريا»، وهو تفاهم تنفيه طهران.
وفي تصعيد آخر، تضغط تركيا على العراق من أجل إطلاق عملية عسكرية مشتركة لتطهير المنطقة من الميليشيات الكردية. وفي المقابل، تضغط إيران لمنع بغداد من الانضمام إلى مثل هذه العملية.
وما فاقم الأمر تقاريرُ إعلاميةٌ كشفت عن أن قوات الحشد الشعبي قد نشرت 15 ألفًا من مقاتليها في سنجار، وبنت قواعد جديدة لصد أي هجوم تركي محتمل.