يتناول الكثير من الناس طعامهم قبل النوم لأسباب مختلفة، لكن حتى الوجبات الخفيفة في وقت متأخر من الليل، قد تؤدي إلى أعراض عدة وليس فقط مجرد ظهور بطن ممتلأ بمرور الوقت، لأن الجسم يحتاج وقته الكافي حتى يهضم الأكل ويحرق الدهون بالشكل المطلوب، لذلك فإن وجبة العشاء قد تؤثر على زيادة أو نقصان وزن الجسم.
وفي هذا الإطار، تشير أبحاث عديدة إلى أن تناول الطعام قبل النوم مباشرة قد ينجم عنه آثار جانبية عديدة تشمل زيادة الوزن وتؤثر في الأداء أثناء العمل، ولمعرفة حقيقة ذلك توجهنا بالسؤال إلى الدكتور عبدالله الذيابي.
وقال الدكتور الذيابي. لـ”سبق” كشفت الأبحاث الطبية الأولية أنَّ تناول وجبة العشاء متأخراً يرتبط بزيادةِ احتمالية الإصابة بالسمنة وزيادة الوزن، بسبب اضطراب التمثيل الغذائي، وهذه العادة أكثر شيوعاً لدى الأشخاص البدينين من الأشخاص أصحاب الوزن الطبيعي.
وتابع طبيب الباطنة في مستشفى الحرس الوطني بالرياض، أن الجسم يعالج الطعام في جميع الأوقات بنفس الطريقة، والسبب في زيادة الوزن مع تناول الطعام ليلاً هو الإفراط في الأكل، وغالباً يكون طعاماً غير صحي، أو وجبات سريعة، أو وجبات عالية السعرات الحرارية، وكما هو ملاحظ في مجتمعنا، خصوصاً في المدن التي تبلغ ذروة ازدحام المطاعم في ساعات الليل، ومن المسببات أيضاً كثرة تناول الوجبات الخفيفة؛ بسبب الملل، أو التعب، أو طول فترة الليل، خصوصاً في موسم الشتاء، فيضطر البعض إلى تناولِ عدةِ وجباتٍ ليلاً.
وأضاف يقول: يؤكد الباحثون من الخطأ أن تجعل وجبة العشاء الوجبة الرئيسة حيث تقضي فترات طويلة من اليوم بدون تناول ما يكفي من الطعام، مما يجعلك تشعر بضغط كبير لتناول وجبة تحقق لك الشبع، وبحلول موعد العشاء تكون جائعاً لدرجة تجعلك تميل إلى تناول الطعام بسرعة واستهلاك طعام أكثر مما ينبغي، وهو ما يؤدي لعسر الهضم في الليل، مما يربك النوم، ويزيد الوزن.
وأوضح طبيب الباطنة لـ”سبق” يمكن أن تتسبب وجبات آخر الليل بارتفاع مستويات السكر في الدم وتراكم الدهون، ومقاومة الأنسولين وزيادة الوزن واضطرابات التمثيل الغذائي، وأن تناول الطعام في وقت متأخر يعتبر سبباً شائعاً في الشكوى من ارتداد الحمض (الشعور بالحموضة)، لذا يفضل تناول وجبتك الأخيرة في اليوم قبل 3 ساعات من وقت ذهابك للنوم، كما أنَّ تناول وجبة العشاء متأخراً قد يؤثر على جودة النوم، ويؤدي للأرق، وذلك بسبب تناول مشروبات تحتوي على الكافيين مع الوجبة، أو بسبب الحموضة والتخمة وتلبكات البطن وتهيج القولون وكثرة التبول.
وأردف الذيابي أنه من العاداتِ غيرِ الصحيةِ المصاحبةِ للأكلِ متأخراً هي النومُ مباشرةً بعد الوجبة، ومعلومٌ أنَّ هضم الطعام في المعدة يستغرق كحدٍّ أقصى 4 ساعات قبل إكمال عملية الهضم الأولية، وعبور الطعام إلى الأمعاء الدقيقة، والمدة تقل بحسبِ نوع وكمية الطعام، لذلك هذه العادة قد تساهم في حدوث ارتجاع الأحماض من المعدة إلى المريء، والتي ينتج عنها التهاب وقرحة المريء، وربما تؤثر الأحماض على الحلق والحنجرة والحبال الصوتية والشعب الهوائية.
وأشار إلى أن تناول الطعام قبل النوم مباشرة يزيد خطر الإصابة بمتلازمة التمثيل الغذائي (وهي مجموعة من الحالات التي تشمل الدهون الزائدة في البطن)، وارتفاع ضغط الدم، وارتفاع نسبة السكر في الدم، وارتفاع الكوليسترول أو الدهون الثلاثية، وقد تجعل الشخص أكثر عرضة للإصابة بداء السكري من النوع الثاني، وأمراض القلب، والسكتة الدماغية.
ووجه طبيب الباطنة نصيحة قائلاً، للمحافظة على وزن مثالي وتجنب اضطرابات الجهاز الهضمي، يجب اتباع قول المصطفى عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم: “ما ملأ ابن آدم وعاء شرّاً من بطنه..”، فلا تُفرط في تناول الطعام، ويمكن تناول وجبة عشاء خفيفة، ولا تتناول سعرات حرارية أكثر من احتياجك، واحرص على تناول آخر وجبة على الأقل بثلاث ساعات قبل النوم؛ لإعطاء الجسم الوقت الكافي لهضم الطعام ولإراحة المعدة، وقلّل من الوجبات الضارة وغير الصحية.
وختم الذيابي بالقول، إن الأكل ليلاً لا يزيد الوزن بشرط أن تكون السعرات الحرارية في معدل بسيط مسموح به ضمن وجبات اليوم، لذلك فإن إلقاء اللوم على وجبة العشاء المتأخرة لوحدها هو أمر غير عادل، فإن الأمر يعتمد في النهاية على الكمية الإجمالية للطاقة التي نستهلكها خلال اليوم، وبالطبع يمكن للفرد أن يفقد الوزن عن طريق تناول القليل من الطعام أو عدم تناول أي شيء على الإطلاق في المساء، وهذا يعني سعرات حرارية أقل.