تتميز مصر عن سائر البلدان العربية والإسلامية بطقوس وعادات خاصة للاحتفال بقدوم شهر رمضان، تبدأ بحمل الأطفال للفوانيس منذ استطلاع الهلال إلى المسحراتي وحتى انطلاق مدفع الإفطار.
الفانوس
يعتبر فانوس رمضان من أول المظاهر الشّعبيّة التي يستقبل بها المصريون شهر رمضان، والتي يحملها الأطفال ليلًا ، مرددين الأناشيد التي ترحب بقدوم الشهر المبارك، والتي تطورت كثيرًا خلال السنوات الماضية، من استخدام الشموع في الإضاءة إلى ظهور الفانوس الكهربائي الذي يعتمد في إضاءته على البطارية واللمبة بدلًا من الشمعة.
المسحراتي
بدأت مهنة المسحراتي أيام الحاكم بأمر الله الفاطمي الذي أصدر أمراً بأن ينام الناس مبكرين بعد صلاة التراويح وكان جنود الحاكم يمرون على البيوت يدقون الأبواب ليوقظوا النائمين للسحور.
وتشير الروايات التاريخية إلى أن أول من قام بهذه المهنة تطوعًا هو “عنبسة ابن اسحاق” سنة 228 هجرية ، إذ كان يسير على قدميه من مدينة العسكر في الفسطاط حتى مسجد عمرو بن العاص ، وكان ينادي “عباد الله تسحروا فإن في السحور بركة” ومنذ تلك الفترة أصبحت مهنة المسحراتي في مصر تلقى احتراما وتقديرا بعد أن قام بها الوالي بنفسه ، وأصبحت عادة أساسية في العصر الفاطمي فكانوا يوقظون الناس بطرق العصا على أبواب المنازل ، تطورت بعد ذلك ظاهرة التسحير على يد أهل مصر حيث ابتكروا الطبلة ليحملها المسحراتي ليدق عليها بدلا من استخدام العصا، كما ارتبطت بالسير والحكايات الشعبية التي يعشقها الكثير من المصريين مثل ألف ليلة وليلة وأبو زيد الهلالي وعلي الزيبق.
مدفع الإفطار
من الطقوس التي اعتاد عليها المصريون سماع دوي مدفع الإفطار عقب غروب الشمس معلنًا انتهاء فترة الصوم.
وتقول الروايات إن الجنود كانوا يقومون بتنظيف أحد المدافع ، فانطلقت قذيفة خطأ مع وقت أذان المغرب في أحد أيام رمضان فاعتقد الناس أنه نظام جديد للإعلان عن موعد الافطار، فعلمت بهذا الأمر الأميرة فاطمة ابنة الخديوي إسماعيل فأصدرت فرمانا ليتم استخدام هذا المدفع عند الإفطار والإمساك.
وكان أول مكان استقبل مدفع رمضان قلعة صلاح الدين بالقاهرة ، ومن ثم أمر الخديوي عباس والي مصر عام 1853 بوضع مدفع آخر يطلق من سراي عباس بالعباسية، ثم أمر الخديوي إسماعيل بمدفع آخر ينطلق من جبل المقطم حتى يصل صوته لأكبر مساحة من القاهرة وفي الإسكندرية تم وضع مدفع بقلعة قايتباي.
ويشار إلى أن آخر مرة أطلق فيها المدفع كان عام 1992 لأن هيئة الآثار المصرية طلبت من وزارة الداخلية وقف إطلاقه من القلعة خوفا على المنطقة التي تعد متحفا مفتوحا للآثار الإسلامية، وتحول مدفع القلعة الحقيقي إلى قطعة أثرية جميلة غير مستخدمة .
إمساكية رمضان
تم طباعة أول إمساكية رمضانية في تاريخ مصر في عهد محمد علي عام 262 هجرية وكانت عبارة عن ورقة واحدة مطبوع فيها مواعيد الصلاة والإمساك عن الطعام والإفطار وطبعت في “دار الطباعة الباهرة ” ببولاق مصر، حيث ضمت خانات مختلفة مثل “غروب القمر” و”طلوع القمر”.
كانت تشير إمساكية رمضان فيما مضى وعلى مدار تاريخ مصر الحديث إلى مدى وجاهة ورقي صاحبها سواء أشخاصا أو شركات أو جمعيات ، وكانت تؤرخ للعصر الذي صدرت فيه من ناحية التقدم والرقي في الرسم والطباعة .
الموائد الرمضانية
عرفت مصر الموائد الرمضانية منذ عصر الخليفة الفاطمي العزيز بالله، ثم انتشرت المآدب الملكية أو الموائد الرمضانية في عهد الملك فاروق وكانت تقام لإطعام الفقراء والمساكين والموظفين وعابري السبيل وأي فرد من أفراد الشعب، وكان الغرض منها كما يقول بعض المؤرخين يتراوح ما بين بروتوكول سياسي وعمل خيري، وظلت الموائد الملكية مستمرة حتى قيام الثورة وسقوط الملكية ليحل محلها موائد الرحمن والموائد الرمضانية البسيطة التي تملأ شوارع وحواري مصر المحروسة .
الأغاني التراثية
تظل الأغنيات التراثية ، وغيرها من التواشيح، الخاصة بشهر رمضان حاضرة في ذاكرة الناس، ومن أبرز تلك الأغاني “رمضان جانا” و” مرحب شهر الصوم” ، “هاتوا الفوانيس يا أولاد” و”أهلًا رمضان” ،”تم البدر بدري” ، “وحوي يا وحوي”، بالإضافة لتواشيح وابتهالات النقشبندي .