أداء أكثر من رائع يقدمه نادي نيوكاسل في الدوري الإنجليزي جعله يتواجد بالمربع الذهبي وسط عمالقة المسابقة الأقوى عالميًا، بعدما كان يصارع الهبوط في الموسم الماضي، بل ويرشحه الكثيرون حاليًا للمنافسة على اللقب أو خطف بطاقة مؤهلة لبطولة أوروبية على الأقل من بين أنياب أندية مثل ليفربول ومانشستر يونايتد وتشيلسي وتوتنهام.. فكيف حدث هذا التحول في فترة وجيزة؟
في أكتوبر من عام 2021، أعلن صندوق الاستثمارات العامة السعودي استحواذه على نادي نيوكاسل يونايتد الإنجليزي، ليرسم حينها أغلب مشجعي كرة القدم سيناريوهات عن كيفية إعادة تلك القلعة العريقة على الطريق الصحيح من جديد لكن ما حدث فيما بعد خالف كل التوقعات.
طريق غير متوقع
تفاءل كل مشجعي نيوكاسل داخل وخارج المملكة المتحدة خيرًا بالمُلاك الجدد، وتوقعوا أن يكون ناديهم على موعد مع موسم انتقالات جنونيًا، واستقدام مدرب اسمه ملء السمع والصبر، فهذا هو المعتاد في عالم الساحرة المستديرة حاليًا أرقام فلكية تُدفع في اللاعبين والمدربين، وتركزت كل الأضواء آنذاك على فريق يصارع الهبوط في البريميرليج مع مدربه المخضرم ستيف بروس.
هاو ليس أنشيلوتي أو مورينيو
أداء نيوكاسل مع بروس لم يرض أحدًا لذا رحيله لم يكن منه مفر، والبديل كان المدرب الشاب إيدي هاو، ذلك الاختيار الذى فاجأ الجميع فهو ليس كارلو أنشيلوتي أو بيب جوارديولا أو جوزيه مورينيو، مؤكد أنه مدرب جيد لكن في عالم الكبار لايزال الطريق أمامه طويلاً، ففي سجله بطولة وحيدة وهي “التشامبيونشيب” في موسم 2014-2015 لكنها لا تكف لمنافسة الكبار من وجهة نظر البعض.
بداية هاو مع نيوكاسل لم تكن مثالية، وتوقع البعض سقوطه مبكرًا لكن الإدارة اختارت الصبر على المدرب صاحب الـ 44 عاماً، وبالفعل كان الصبر مفتاح الفرج، وانطلق قطار الفريق محققًا سلسلة لا هزيمة استمر لـ 8 مباريات، مكنته من البقاء في البريميرليج في المركز الحادي عشر.
بعد أداء هاو مع الفريق في الموسم الماضي، سلم الجميع بأنه الاختيار الأمثل لقيادة قلعة نيوكاسل، لكن مع بداية الانتقالات الصيفية الكل متوقع دخول النادي في المزايدات الجنونية المعروفة في عالم انتقالات اللاعبين لكن لم يحدث الأمر علي النحو المتوقع، وصحيح أن إدارة النادي الإنجليزي أنفقت قرابة الـ 136 مليون يورو لتدعيم صفوفها لكن يجب الاعتراف أن هذا الرقم يمكن إنفاقه على لاعب واحد في أندية أخرى والأمثلة في هذا الإطار كثيرة للغاية.
السخرية من ألميرون
صفقات نيوكاسل الصيفية جعلت الخبراء يتوقعون موسماً جيداً للفريق لكن المفاجأة كانت في تقديم كتيبة إيدي هاو أداءً مدهشاً أمام فرق مثل مانشستر سيتي واليونايتد، وتحقيق نتائج إيجابية لم تكن وليدة الصدفة أو الحظ إنما نتيجة عمل شاق يشهد به كل من تابع مباريات الفريق هذا الموسم.
تخيل أن لاعباً شاباً مثل ألميرون أصبح مرعبًا للحراس مع نيوكاسل، ويركز مدربو الخصوم عليه لإيقافه في ظل تألقه هذا الموسم مع أنه بالنظر لأشهر معدودة للوراء كان محط سخرية الجميع وعلى رأسهم الإنجليزي جاك جريليش، مهاجم مانشستر سيتي الذي تم تصويره خلال احتفالاته بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز في مايو الماضي، وهو يسخر بقسوة من ألميرون.
وفي مقطعه المنتشر على وسائل التواصل الاجتماعي، عندما سأله زميله برناردو سيلفا عن السر وراء فوزه باللقب، قال المهاجم الذي انتقل من أستون فيلا إلى سيتي مقابل 100 مليون جنيه إسترليني: هناك سران.. واحد، رياض محرز، أخرجه من الملعب في أسرع وقت ممكن لأنه يلعب مثل ألميرون”.. والآن جريليش يعاني بينما ألميرون متألق في الملاعب.
العقل والتخطيط
تجربة نيوكاسل الحالية أثبت أن النهوض بالأندية صاحبة التاريخ يحتاج إلى إدارة احترافية لا إدارة تلجأ إلى الاستعراض، فالمال ليس السبيل الوحيد بل يجب اقترانه بالعقل والتخطيط حتى يدوم النجاح لأطول فترة ممكنة، والمعروف في عالم الساحرة المستديرة أن هناك طريقين إلى الوصول إلى المرمى هناك طريقة البناء من الخلف وتحتاج إلى صبر لإتقانها لأنه قد تقع في أخطاء في سبيل تعلمها بشكل مثالي، لكن فور إتقانها يكون النجاح شبه مضمون، وهناك طريقة الكرات الطويلة، لاشك أنها أسرع في الوصول إلى المرمي لكنها تعتمد علي الحظ أكثر، وقد تنجح مرةً لكن لن تنجح دائمًا.
نبوءة مالك تشيلسي الجديد
أثنى مالك نادي تشيلسي الإنجليزي الجديد، تود بويلي، على استحواذ صندوق الاستثمارات السعودية على ملكية نادي نيوكاسل يونايتد، وقال بويلي، في تصريحات صحفية نقلتها صحيفة “دايلي ميل” البريطانية: “الستة الكبار سيصبحون سبعة بعد الاستحواذ السعودي على نيوكاسل”.
وأضاف: “أرسنال وتشيلسي وليفربول ومان سيتي ومان يونايتد وتوتنهام وسينضم إليهم نيوكاسل.. ستكون هناك فرصة للجميع للفوز في المواسم المقبلة”. وبعد تصريحات مالك تشيلسي، أصبح نيوكاسل في المربع الذهبي بالدوري الإنجليزي، وأصبح أحد الأندية التي تصارع الكبار في البريميرليج.
المنافسة على لقب الدوري
فيما أوضح مدرب مانشستر سيتي، بيب جوارديولا، إن نيوكاسل هو واحد من 6 فرق تشكل تهديداً على سعي فريقه للفوز بلقب بطولة الدوري الإنجليزي الممتاز للموسم الثالث على التوالي.
وقال جوارديولا: “لدى نيوكاسل فريق جيد ولاعبون من الدرجة الأولى.. أتخيّل أنهم سيبقون هناك لوقت طويل.. لديهم البنية الجسدية في الوسط، والانتقال من مربع إلى آخر، والضغط الذي يشكلونه دون الكرة ملفت”.
أرقام نيوكاسل
نظرة سريعة على أرقام ونتائج نيوكاسل هذا الموسم ستوضح مدى تطور الفريق الذي حصد 27 نقطة بعد 14 مواجهة خاضها، محققًا 7 انتصارات و6 تعادلات وهزيمة واحدة، وسجل 28 هدفاً، واستقبل 11 هدفاً ليصبح واحداً من أكثر الفرق صلابة دفاعية في البريميرليج متساوياً مع آرسنال ومتفوقاً على مانشستر سيتي الذي استقبلت شباكه 12 هدفاً مع وجود مباراة مؤجلة له.
أيضًا اللافت للنظر في نتائج نيوكاسل قدرته على تحقيق نتائج إيجابية أمام عمالقة البطولة، بعدما تعادل بنتيجة (3-3) مع مانشستر سيتي، وكما تعادل سلبياً مع مانشستر يونايتد، بينما فاز على توتنهام.