“حكاية ستدون في سجلات تاريخ المونديال”.. هكذا يمكن وصف مشوار المنتخب المغربي في مونديال قطر 2022 بعدما تمكن من بلوغ المربع الذهبي لكأس العالم، في إنجاز يحدث لأول مرة في تاريخ الكرة العربية منذ انطلاق الحدث الأهم في عالم كرة القدم في عام 1930.
قبل انطلاق مونديال قطر لم يكن أحد يتوقع على الإطلاق أنه تكون مسيرة المنتخب المغربي بهذه الطريقة، لا سيما أنه وقع في مجموعة اعتبرها البعض من الأصعب في مجموعات كأس العالم 2022، لأنه ضمن كل من المنصف الثاني عالميًا بلجيكا، ووصيف النسخة الماضية “كرواتيا”، والفريق صاحب العناصر الجيدة “كندا”.
بداية ولا أروع
المنتخب المغربي شق طريقه في البطولة بثقة الأبطال وحقق نتائج غير متوقعة بالمرة بعدما تصدر مجموعته باقتدار علي حساب عمالقة أوروبا ولم يبال بالأسماء الكبيرة في عالم كرة القدم التي وجهها.
بدأ المنتخب المغربي مشواره بالتعادل دون أهداف مع كرواتيا، وصيفة بطلة النسخة الماضية، في أولى جولات المجموعة السادسة، بكأس العالم لكرة القدم في قطر، وفي هذه المواجهة ظهرت بوادر ما يمكن لأسود الأطلس فعله بعدما أكد الكثيرون أنه كان يستحق الفوز وليس مجرد الخروج بنقطة وحيدة.
بعد ذلك فجّر المنتخب المغربي أول مفاجآته بعد الفوز علي العملاق البلجيكي بهدفين دون رد، ليؤكد للجميع أن العرب في هذا المونديال لم يأتوا للتمثيل المشرف، ولديهم الثقة بالنفس للفوز على منتخب يقف في حراسته عملاق مثل كورتوا، وفي خط الوسط نجم عالمي بحجم دي بروين، وفي الهجوم هازارد.
وفي المواجهة الثالثة، عزز المنتخب المغربي مكانته بين فرق المونديال بعدما حقق فوزًا سهلاً علي المنتخب الكندي بهدفين دون رد، ليتصدر مجموعته منتظرًا أي خصم سيأتي ليواجهه، وكانت المفاجأة أن المنتخب الإسباني تأهل ثانيًا في مجموعته ليواجه المغرب في دور الستة عشر، ووقتها اعتبر الكثيرون أن رحلة أسود الأطلس انتهت لكن ما حدث كان مخالفًا لكل التوقعات.
مواجهات لن تنسى
وفي دور الستة عشر أمام الإسبان، سطر المنتخب المغربي ملحمة كرويًا بعدما فرض أداءه وأسلوبه علي كتيبة المدرب إنريكي، لينتهي الوقت الأصلي والإضافي بالتعادل السلبي، ويتم اللجوء إلي ركلات الترجيح، وهنا ظهر دور الحارس المغرب العملاق ياسين بونو الذي قاد بلاده إلى التأهل إلى دور الثمانية بجدارة بعدما تصدى لركلتي جزاء.
كل من شاهد ركلات الترجيح بين المغرب وإسبانيا أعجبته طريقة بونو المميزة في التصدي لركلات الترجيح، لا سيما أنها تشبه مراوغات المهاجمين للمدافعين، فقد كان يراوغ بجسده يمينا ويسار ليشتت المسدد قبل أن يذهب وراء الكرة للتصدي لها، وفي النهاية وصل إلى مراده وقاد بلاده إلى الفوز.
ومن الأرقام القياسية التي ستظل خالدة في تاريخ المونديال أن بونو فعل ما لم يقدر عليه حارس عربي أو إفريقي من قبل، ويتمثل ذلك في التصدي لأكثر من ركلة جزاء في كأس العالم خلال مباراة واحدة، إضافة إلى ذلك لم يسكن شباكه سوى هدف وحيد في البطولة حتى الآن.
وفي دور الثمانية، كان المنتخب البرتغالي بقيادة النجم كريستيانو رونالدو ينتظرون المغاربة، معتقدين أنها وجبة سهلة التناول لكن ما فعله نجوم الكرة العربية في هذا اللقاء غير الفكرة تمامًا، وتمكنوا عن جدارة واستحقاق الفوز في هذا اللقاء بهدف سجله النجم يوسف النصيري.
المفارقة أن الهدف كان حديث العالم لدرجة أنه تم عقد مقارنة بين طريقة النصيري وكريستيانو رونالدو، خاصة أنه ارتقى 2.78 م لتسجيل الهدف الأغلى في تاريخ كرة القدم المغربية في نهائيات كأس العالم، وذلك بمثل الطريقة المعتادة للدون في الارتقاء عاليًا وإحراز الأهداف في البطولات الأوروبية.
تشريف للكرة العربية
ومنذ بداية البطولة نجح أكثر من لاعب من كتيبة المدرب وليد الركراكى في ترك بصمة، وإبهار العالم كله بعد أداء بطولى في مواجهات لم تكن سهلة أبدًا بل على العكس كان مشوارًا صعبًا أمام عمالقة أوروبا.
وفي مباراة نصف النهائي أمام منتخب فرنسا، ورغم الهزيمة بثنائية نظيفة لم يكن المنتخب المغرب خصمًا سهلا بل سيطر على مجريات الأمور في أوقات كثيرة من المباراة، وكاد ينجح في التسجيل لولا الحظ العثر لكنه نجح في اكتساب احترام العالم أجمع، وشرف الكرة العربية كلها، وفتح الباب لتحقيق إنجازات أكبر في المستقبل للفرق والمنتخبات العربية.
وبكل تأكيد ينتظر الجميع من المحيط إلى الخليج مواجهة المنتخب المغربي المقبلة أمام كرواتيا على تحديد المركزين الثالث والرابع على أمل تحقيق المرتبة الثالثة بالمونديال، وبصرف النظر عن الفوز في هذه المباراة من عدمه سيبقى المغرب واحدا من أكثر المنتخبات التي رفعت اسم الكرة العربية عاليًا في تاريخ المونديال حتى وقتنا هذا.
