
يشهد قطاع الطرق في المملكة تطورًا ملحوظًا وسلسلة من الابتكارات المتميزة، وذلك في إطار الجهود، التي تبذلها الهيئة العامة للطرق في تشجيع الابتكار وتبني الممارسات العالمية المتقدمة، بهدف توفير شبكة طرق لوجستية أكثر أمانًا واستدامة وكفاءة، مما يعزز مكانة المملكة بصفتها مركزًا لوجستيًا عالميًا.
وتبرز من بين هذه الابتكارات طبقة الخرسانة الإسمنتية المدموكة بالرصاصات، التي طُبقت لأول مرة في مسارات الشاحنات، وتمثل حلاً إستراتيجيًا لمواجهة التحديات، التي تفرضها الأحمال المرورية العالية على الطرق اللوجستية.
ويعتمد هذا الابتكار على أساليب حديثة في تصميم الطبقات الإنشائية، مما يوفر مستوى عالميًا من القوة والمتانة، ويقاوم التشوهات الناتجة عن مرور الشاحنات الثقيلة، ويعزز كفاءة الطرق وإطالة عمرها التشغيلي، فضلاً عن تقليل التكاليف التشغيلية والصيانة المتكررة.
وتتبنى “هيئة الطرق” في إطار التزامها بالاستدامة البيئية والاقتصاد الدائري، ابتكار استخدام نتاج هدم المباني في الخلطات الإسفلتية، بهدف تقليل الاعتماد على المواد الخام الطبيعية، وتحويل مخلفات الهدم إلى مواد قيّمة يمكن استخدامها في إنشاء الطرق، إذ تُعد إدارة مخلفات البناء والهدم جزءًا أساسيًا من خطة التحول نحو الاقتصاد الدائري في المملكة، التي تستهدف إعادة تدوير (60%) من هذه المخلفات.
وأطلقت الهيئة لتحسين تجربة المشاة وتقليل الأثر البيئي، ابتكار الإسفلت المطاطي المرن، الذي يستخدم المطاط المعاد تدويره من الإطارات التالفة، ويوفر هذا النوع من الإسفلت شعورًا بالراحة للمشاة أثناء المشي والركض من خلال تخفيف الضغط على الكواحل والأقدام، مما يجعله مثاليًا للمسارات المخصصة للمشاة والحدائق العامة، ويسهم بشكل كبير في تقليل تراكم النفايات ويحد من التلوث الناتج عن حرق الإطارات التالفة، مما يعكس التزام الهيئة بالحلول المستدامة التي تخدم البيئة.
ويأتي ابتكار تبريد الطرق حلًا لتحسين جودة الحياة في المناطق ذات الكثافة البشرية العالية، وخاصة في الأجواء الحارة، ويتكون من مواد محلية الصنع تتميز بقدرتها الفائقة على امتصاص كميات أقل من أشعة الشمس على الطرق المخصصة للمشاة، تعكس الأشعة بدلاً من امتصاصها، مما يسهم في خفض درجات حرارة أسطح الطرق بمعدل يتراوح بين (12) إلى (15) درجة مئوية، مما يوفر بيئة أكثر راحة للمشاة ويقلل من تأثير الجزر الحرارية الحضرية.
وتعمل الهيئة العامة للطرق على تطوير الأبحاث والتجارب العملية انطلاقًا من دورها بصفتها جهازًا حكوميًا مشرفًا ومنظمًا لقطاع الطرق في المملكة، وتماشيًا مع رؤية إستراتيجية القطاع، المنصوصة على تشجيع الابتكار، كما تسهم إستراتيجية قطاع الطرق في رفع مستوى جودة الطرق للوصول للمؤشر السادس عالميًا، وخفض الوفيات لأقل من (5) حالات لكل (100) ألف نسمة بحلول 2030، ليواصل قطاع الطرق دوره الريادي في تمكين العديد من القطاعات الحيوية والواعدة، وذلك عبر شبكة طرق المملكة، التي تُعد الأولى على مستوى العالم في ترابطها بأكثر من (73) ألف كم.