تثبت المرأة السعودية دوماً أنها قادرة على تحقيق النجاحات وخدمة وطنها بكل تفانٍ متى ما أُعطيت الفرصة المناسبة لذلك، فهي مثلها مثل الرجل تماماً قادرة على تقلد المناصب في مختلف المجالات دون أي عائق.
والحديث اليوم عن نموذج مشرف للمرأة السعودية، وهي الدكتورة ابتسام بنت عبدالرحمن البسام، أول سعودية حصلت على الدكتوراه من الجامعات الغربية، وأول عميدة لكلية البنات بالرياض، سخرت خبرتها التعليمية والتربوية لخدمة الوطن، حتى أنها رفضت العمل في الخارج بعد حصولها على الدكتوراه وأصرت على العودة للوطن لخدمته.
حصلت البسام المولودة في عنيزة بالقصيم على ليسانس الآداب في اللغة الإنجليزية من جامعة عين شمس بالقاهرة، والماجستير والدكتوراه في الأدب الإنجليزي الولايات المتحدة، وعادت بعدها للمملكة فعملت في كلية التربية للبنات في جدة، حيث أسند لها رئاسة قسم اللغة الانجليزية قبل أن تنتقل إلى كلية التربية للبنات في الرياض، لتصبح في ذلك الوقت أول عميدة سعودية لأول كلية تعليم عالٍ للبنات في المملكة.
وقالت الدكتورة ابتسام البسام في حديث من برنامج “وينك” الذي يُبث على “روتانا خليجية”، إنها حصلت على الدكتوراه في سن صغيرة، وتولت عمادة كلية الآداب للبنات بالرياض عند تأسيسها عام 1983، وأسست أكاديمية الملك فهد في العاصمة البريطانية لندن وأصبحت أول عميدة للأكاديمية، واستمرت فيها لمدة 10 سنوات، وانضمت بعدها لليونسكو لتكون أول موظفة من دول التعاون الخليجي تلتحق بهذه المنظمة الكبرى.
وعن المواقف التي لا تنساها أنه كان هناك استغراب في بريطانيا لأن الانطباع هناك عن المرأة السعودية أنها منغلقة وليس لها مناصب، وفي أحد المرات دخل لورد انجليزي عليها الأكاديمية فقال لها: “أول مرة أشاهد في حياتي امرأة سعودية تدير مؤسسة بها رجال بريطانيون”.
وعن سبب عدم تحدثها اللهجة القصيمية، قالت إن ذلك يرجع لكونها عاشت في عدة بلدان عربية بسبب ظروف عمل والدها، وهذا هو سبب تحدثها باللهجة المصرية، مشيرة إلى أن الغربة كانت تجعل والدها حريصاً على زرع الوطنية في نفوسهم، فكان يقول لهم دوماً: “المملكة هي مصدر الخير لنا”.
وأشارت إلى أنها كانت تتشدد في العملية التعليمية لحرصها على أن يحصل طالباتها على قدر عالٍ من التعليم لا يقل عما حصلت هي عليه، مشيرة إلى أنها تفتخر بتخريج أول دفعة من الطالبات السعوديات الحاصلات على درجة الماجستير.
ولفتت إلى أنها حينما تولت منصباً في رئاسة تعليم البنات بالرياض التي كان يديرها رجال، قال بعضهم: “هذه سعودية ونشبت في حلقنا”، مشيرة إلى أنهم كانوا أول مرة يتعاملون مع مواطنة تتولى منصب المدير أو ربما كانوا يخشون على أماكنهم بعدما وجدوا سعوديات أثبتن أنفسهن، حسب قولها.
وأشارت إلى أنها كانت قد طلبت إجازة تفرغ علمي لإجراء بعض الأبحاث لكن الرئاسة العامة لتعليم البنات رفضت؛ لعدم خروج نساء سابقاً للتفرغ، فكتبت إلى الملك فهد رحمه الله فوافق على خروجها في إجازة تفرغ علمي لمدة عام.
وحول ما قيل عن الخلافات بينها وبين الوزير الراحل غازي القصيبي، قالت البسام إنه كان هناك خلاف تربوي فقط حول بعض التغييرات في الأكاديمية التي شغل القصيبي منصب رئيس أمنائها، مؤكدة أنها كانت تشعر أنه أخ لذا قالت عنه “أفضله أخاً وليس رئيساً”.
وأشارت إلى أنها لم تنجب، لكن عندها أبناء في كل مكان، وحتى أنها حينما كانت في الأكاديمية بلندن كانت تقول للطلاب والمعلمين أنا والدتكم، فهي تعتبر نفسها أماً لكل من درست لهم، وفي إحدى المرات كانت في رحلة من بريطانيا إلى أمريكا، فخرج الطيار -وكان أحد تلاميذها- من المقصورة وقال للركاب “هذه أمي الثانية”.
يشار إلى أن والد الدكتورة ابتسام هو الدبلوماسي البارز عبدالرحمن البسام، الذي بدأ حياته الدبلوماسية مستشاراً لشؤون الجامعة العربية بالسفارة السعودية في القاهرة، ثم سفيراً للمملكة في باكستان، ثم أول سفير سعودي بتونس، ثم وكيلاً لوزارة الخارجية، ثم سفيراً باليونان التي توفي فيها وهو على رأس عمله.