واصل المبعوث القطري في قطاع غزة، محمد العمادي، رجل تميم بن حمد، تحركاته المشبوهة بين قيادة حماس في القطاع، ومكاتب المسؤولين الإسرائيليين، آخرها لقائه منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، الجنرال الإسرائيلي كميل أبوركن، وهي التحركات المثيرة للجدل، بعد أسابيع قليلة من الزيارة التي قام بها رئيس جهاز «الموساد» الإسرائيلي إلى الدوحة، ومباحثاته مع تميم ومسؤولين في الاستخبارات والخارجية القطرية.
وبحسب معلومات موثقة، يجري نقاش مستفيض بين تل أبيب والدوحة وقطاع غزة لبحث موقف حماس خلال الفترة المقبلة، على حساب القوى والفصائل الفلسطينية، لا سيما حركة «الجهاد الإسلامي» في القطاع، بما يضمن سيطرة حماس على الهدنة الطويلة، التي يجري الاتفاق على خطوطها العريضة، حيث نقل المبعوث القطري، محمد العمادي، الرسائل المُتبادلة بين قطر وإسرائيل وقيادة حماس.
ووفق ما تم تسريبه من مصادر مطلعة، «تسعى حماس إلى الهيمنة الشاملة على القطاع حتى تضمن تنفيذ الهدنة الطويلة التي يجري التوافق عليها حاليًا مع إسرائيل»؛ حيث تطالب قيادة حماس بتمكينها من سلاح حركة الجهاد الإسلامي، وهى الخطوة المؤجلة منذ انقلاب حماس على حركة فتح عام 2007، حيث كانت تخشى من رد الفعل الإيراني الداعم الرئيس لحركة الجهاد، والممول لحركة حماس في الوقت نفسه.
وترى قيادة حماس أن الفرصة باتت سانحة حاليًا في ظل انشغال إيران بالعديد من الملفات، لا سيما العقوبات الأمريكية، وتوتر علاقاتها مع الجوار، فضلًا عن تفشي فيروس كورونا، ما يعيد التذكير بانقلاب حركة حماس على الحكومة السورية، وكيف راحت كتائب القسام «الجناح العسكري للحركة»، تقاتل إلى جانب ميليشيات أردوغان في سوريا، بالرغم من أن إيواء الحكومة السورية لقيادات حماس أحد أسباب الانتقادات التي توجه لبشار الأسد وأجهزته الأمنية.
وكشف الدبلوماسي القطري محمد العمادي، أنه زار إسرائيل نحو 20 مرة، منذ العام 2014، وقال العمادي، الذي يرأس اللجنة القطرية لإعمار قطاع غزة، واعترف الدبلوماسي القطري، أن أموال المساعدة التي تقدمها بلاده إلى الفلسطينيين تهدف إلى تجنيب إسرائيل الحرب في غزة، مؤكدًا أن التعاون مع إسرائيل، يجنبها تلك الحرب.
وقالت صحيفة «والَّا» الإسرائيلية إن رئيس الموساد يوسي كوهين، وقائد المنطقة الجنوبية هارتسي هاليفي زارا قطر سرًّا بداية الشهر الجاري لضمان استمرار الدوحة في تمويل حركة حماس، وذلك بعد أنباء عن عزم قطر تقليص دعمها للحركة، والتقى كوهين وهاليفي خلال زيارتهما شخصيات رفيعة المستوى، على رأسها محمد بن أحمد المسند، رئيس أجهزة الاستخبارات، ومستشار أمير قطر لشؤون الأمن القومي، وشارك في اللقاء محمد العمادي، الموفد القطري لقطاع غزة.
وعلمت صحيفة «والَّا» إن الطائرة الخاصة التي استقلها كوهين وهاليفي أقلعت من مطار بن غوريون في الأسبوع الأول من فبراير الجاري، وتحديدًا عصر يوم الأربعاء من الأسبوع ذاته، وهبطت الطائرة في محطتها الانتقالية بالعاصمة الأردنية عمان ثم اتجهت للدوحة، وبعد رحلتها إلى الإمارة الخليجية، عادت بالمسؤولين الاثنين إلى إسرائيل عصر يوم الخميس. وبشكل عام، لم يمكث كوهين وهاليفي في الدوحة إلا أقل من 24 ساعة فقط.
ونقلت «والَّا» عن مسؤول إسرائيلي ضالع في التفاصيل، أن رئيس الموساد هو من دعا هاليفي لمرافقته في تلك الرحلة القصيرة، التي التقيا فيها المسند، رئيس أجهزة الاستخبارات، والشخصية المقربة من أسرة آل ثاني، فضلًا عن كونه مقرَّبًا جدًا من الأمير نفسه.
وفي حديث لـ«والَّا» قال مصدر إسرائيلي آخر إن المسند يعد نظير رئيس الموساد في قطر، وأنه التقى في الماضي عددًا من الشخصيات الأمنية (الإسرائيلية)، وعلى حد قوله فإن المسند «شريك في تفاصيل السياسات القطرية كافة، وشخصية محورية في علاقات قطر بالولايات المتحدة، فضلًا عن كونه شخصية رئيسية جدًا في العلاقات الإسرائيلية القطرية».
وقطر التي كانت تعتبر في الماضي عدوة لإسرائيل، حملت على عاتقها خلال السنوات القليلة الماضية جانبًا كبيرًا من جهود إعادة الإعمار في قطاع غزة، واستثمرت ما يربو على مليار دولار في مختلف المشروعات منذ عملية «الجرف الصامد»، حتى أنها حاولت الوساطة في قضية الأسرى والمفقودين.
ورغم أن الحديث يدور حول أن قطر دولة مؤيدة لإيران، وحماس، والإخوان المسلمين، إلا أن الحقيقة هي أن إسرائيل تقيم علاقات وطيدة مع الدوحة من خلال الموفد القطري للقطاع، محمد العمادي، الذي يلتقي بشكل دائم عددًا من كبار الشخصيات الإسرائيلية، كما أنه ووفقًا لما كشفت عنه «والَّا» النقاب سابقًا، التقى وزير الدفاع الأسبق أفيجدور ليبرمان وزير الخارجية القطري في قبرص سرًا في يونيو العام 2018.
ومنذ العام 2018، تلعب قطر دورًا محوريًا في جهود التسوية بقطاع غزة، وتحوِّل شهريًا منحة تبلغ قيمتها 15 مليون دولار، لتسديد رواتب مستخدمي حماس في القطاع، واستهدفت بذلك الالتفاف على العقوبات التي فرضتها السلطة الفلسطينية على حماس. بالإضافة إلى ذلك، تمول قطر بمئات ملايين الدولارات مشروعات الوقود، والمياه، والبنى التحتية لإعادة إعمار القطاع، فضلًا عن مساعداتها الإنسانية. وخلال الأسابيع القليلة الماضية، سادت مخاوف لدى إسرائيل من تفكير قطر في تقليص دعمها الشهري لحماس في غزة، وهو ما دفع لطرح هذا الموضوع خلال زيارة كوهين وهاليفي إلى الدوحة للتأكيد على مواصلة المساعدة القطرية لحركة حماس.