أغلقت الدعوى الجزائية بشقيها العام والخاص في قضية الصحافي جمال خاشقجي، بعد صدور الأحكام النهائية اليوم، وذلك بعد عشر جلسات تقريباً منذ بدء أول جلسة محاكمة.
وشهدت قضية خاشقجي منعطفات عدة خلال 706 أيام، منذ وقوع الحادثة، وبدأت الإجراءات السعودية الحازمة لكشف ملابسات الموضوع منذ وقت مبكر، ومن ضمنها اتخاذ المملكة الإجراءات اللازمة لاستجلاء الحقيقة في موضوع المواطن جمال خاشقجي وتأكيدها محاسبة جميع المتورطين وتقديمهم للعدالة، وصولاً إلى إعلان النائب العام نتائج التحقيقات الأولية التي أظهرت وفاة خاشقجي في القنصلية السعودية بمدينة إسطنبول، وذلك بتاريخ 20/10/2018.
وتزامناً مع إعلان النائب العام، أصدر الملك سلمان بن عبد العزيز، أوامر ملكية عدة، ومن بينها أمر خادم الحرمين الشريفين ـ حفظه الله ـ برقم 7422 وتاريخ 10 / 2 / 1440 هـ بتشكيل لجنة وزارية برئاسة صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الشؤون السياسية والأمنية، وعضوية عدد من أعضاء المجلس وهم: صاحب السمو الملكي وزير الداخلية، والدكتور مساعد العيبان، والدكتور إبراهيم العساف، ورئيس الديوان الملكي، ووزير الخارجية، ورئيس الاستخبارات العامة، ورئيس أمن الدولة، وأن ترفع اللجنة نتائج أعمالهما خلال شهر من تاريخه، حيث رفعت تلك اللجنة العديد من التوصيات.
وفي الثالث من يناير للعام 2019، عقدت أول جلسات محاكمة 11 متهماً بقتل خاشقجي، واستكملت النيابة العامة تحقيقاتها وإجراءاتها في هذه القضية حتى شملت 31 شخصاً، حيث تم إيقاف 21 شخصاً منهم، وتم استجواب 10 أشخاص منهم دون توقيف؛ لعدم وجود ما يستوجب إيقافهم، وخلصت التحقيقات والإجراءات إلى ما أعلن في الثالث والعشرين من ديسمبر للعام 2019:
أولاً: توجيه الاتهام في القضية إلى (11) أحد عشر شخصاً، وإقامة الدعوى الجزائية بحقهم أمام المحكمة الجزائية بالرياض.
ثانياً: أصدرت المحكمة الجزائية بالرياض أحكاماً ابتدائية بحق (11) أحد عشر من المدعى عليهم تقضي بما يلي:
أ- قتل (5) خمسة من المدعى عليهم قصاصاً، وهم المباشرون والمشتركون في قتل المجني عليه رحمه الله.
ب- سجن (3) ثلاثة من المدعى عليهم؛ لتستُّرهم على هذه الجريمة ومخالفة الأنظمة، بأحكام سجن متفاوتة تبلغ في مجملها (24) عاماً.
ج- ردّت المحكمة طلب المدعي العام الحكم بعقوبة تعزيرية على (3) ثلاثة من المدعى عليهم؛ لعدم ثبوت إدانتهم في القضية في الحق العام والحق الخاص.
ثالثاً: حفظ الدعوى بحق (10) عشرة أشخاص والإفراج عنهم؛ لعدم كفاية الأدلة، كما أوضحت النيابة العامة أنها سوف تقوم بدراسة الحكم والنظر في الاعتراض عليه أمام محكمة الاستئناف.
وفي الثاني والعشرين من مايو لعام 2020، أعلن أبناء جمال خاشقجي العفو عن من قتل والدهم جمال خاشقجي رحمه الله، من خلال بيان قالوا فيه: “في هذه الليلة الفضيلة من هذا الشهر الفضيل نسترجع قول الله تعالى في كتابة الكريم “وجزاء سيئة سيئة مثلها، فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين”، وأعلنوا العفو عن من قتل والدهم رحمه الله لوجه الله تعالى.
وفي السابع من سبتمبر لعام 2020، صرح المتحدث الرسمي للنيابة العامة عن صدور أحكام نهائية تجاه المتهمين بمقتل المواطن جمال بن أحمد بن حمزة خاشقجي -رحمه الله-.
وأكد أن المحكمة الجزائية بالرياض أصدرت في هذا أحكاماً بحق ثمانية أشخاص مدانين، واكتسبت الصفة القطعية؛ طبقاً للمادة (٢١٠) من نظام الإجراءات الجزائية٠
وبين المتحدث أن هذه الأحكام وفقاً لمنطوقها بعد إنهاء الحق الخاص بالتنازل الشرعي لذوي القتيل تقضي بالسجن لمدد بلغ مجموعها ١٢٤ سنة طال كل مدان من عقوبتها بحسب ما صدر عنه من فعل إجرامي، حيث قضت الأحكام بالسجن ٢٠ عاماً على خمسة من المدانين حيال كل فرد منهم، وثلاثة من المدانين بأحكام تقضي بالسجن لعشر سنوات لواحد منهم وسبع سنوات لاثنين منهم، وأضاف المتحدث أن هذه الأحكام أصبحت نهائيةً واجبة النفاذ؛ طبقاً للمادة (٢١٢) من نظام الإجراءات الجزائية.
وبين المتحدث أنه بصدور هذه الأحكام النهائية تنقضي معها الدعوى الجزائية بشقيها العام والخاص وفقاً للمادتين (٢٢، ٢٣) من نظام الإجراءات الجزائية.
واستغلت غربان الظلام، مواقع التواصل والمنصات وكل ما أتيح لها للنيل من المملكة خلال فترة اختفاء جمال خاشقجي، إلا أن الجهود السعودية والشفافية والعدالة كانت ملجمة ومخيبة لطموحاتهم، حيث نجحت المملكة في تفكيك القضية وكشف ملابساتها وإصدار الحكام العادلة حتى بعد تنازل أسرة الصحافي جمال خاشقجي عن حقهم.