تقدم هزيمة القوات الأفغانية أمام متمردي حركة طالبان الذين استولوا على عواصم الأقاليم واحدة تلو الأخرى إجابة صادمة لكل من يتساءل مندهشا عن النجاح الذي حققته الجهود الأميركية على مدى عقدين في بناء جيش محلي.
فعلى الرغم من رصد نحو 89 مليار دولار لتدريب الجيش الأفغاني لم تكن طالبان في حاجة سوى لأكثر من شهر لدحره. وخلال الأيام القليلة الماضية استولت الحركة على جميع المدن الكبرى في البلاد. من قندهار في الجنوب إلى مزار الشريف في الشمال، ومن هرات غربا وحتى جلال اباد شرقا.
والأحد قال مسؤول في وزارة الداخلية الأفغانية إن مقاتلي طالبان دخلوا العاصمة كابول في الوقت الذي تجلي فيه الولايات المتحدة الدبلوماسيين من سفارتها باستخدام طائرات هليكوبتر.
وعلى الرغم من ذلك تسود حالة من الوجوم والصدمة إزاء عدم وجود مقاومة من جانب كثير من وحدات الجيش الأفغاني. فقد تخلى البعض منها عن مواقعها، وتوصلت أخرى إلى اتفاقات مع طالبان لوقف القتال وتسليم أسلحتها ومعداتها.
ويقول مسؤولون أميركيون إن حكام الأقاليم في بعض الحالات طلبوا من قوات الأمن الاستسلام أو الفرار، ربما لتجنب سفك الدماء أو لأنهم متأكدون من استحالة الصمود وتجنب الهزيمة.
وفي الحالات التي لم يتم التوصل فيها إلى اتفاق يبدو أن القوات الأفغانية تبخرت.
وأوضح مسؤول أميركي إن من بين أسباب ما حدث أنه “في حالة انهيار الروح المعنوية ينتشر هذا الشعور سريعا”.
وقال قائد في الحركة في عاصمة إقليم غزني في وسط البلاد إن انهيار القوات الحكومية بدأ بمجرد أن بدأ انسحاب القوات الأميركية “لأن تلك القوات لم تكن لها عقيدة قتالية سوى التكسب من الأميركيين”.
ومضى يقول “السبب الوحيد للسقوط غير المتوقع للأقاليم هو عزمنا وإصرارنا وانسحاب القوات الأميركية”.
وتبرز الهزيمة فشل الولايات المتحدة في تكوين قوة مقاتلة على غرار جيشها، لها قيادة عندها عقيدة وجيدة التدريب، وهي قوة تحصل على أسلحة متقدمة ودعم لوجستي متواصل.
على الورق، يبلغ عدد قوات الأمن الأفغانية 300 ألف جندي. وفي الواقع لم يصل عددها أبدا إلى هذا الحد.
إلى ذلك، أكّد الرئيس الأفغاني أشرف غني في رسالة وجهها لمواطنيه مغادرة البلاد من أجل حقن الدماء.
وقال في رسالته اليوم: «لقد مررت بخيار صعب، حيث كان يجب أن أقف لمواجهة مسلحي طالبان، الذين أرادوا دخول القصر أو مغادرة البلد العزيز، ومن أجل تجنّب إراقة الدماء، اعتقدت أنه من الأفضل الخروج».